الجمعة، 19 أكتوبر 2012

القهاوى ....... حكاوى !!!!


حتى يوم دخولى الجامعة لم اكن قد جلست يوما على مقهى ..... وكان المفهوم العام عندنا فى الاسرة ان من يجلسون على القهاوى هم من الصيع ارباب السوابق ..... يشربون فيها اشياء تخالف القانون ...... كان كلمة المقهى بالنسبة لى مرادفا لكلمة البار ...... وكنت انظر بازدراء شديد لاصدقائى الذين يجلسون فيها .......
حتى جائت اول سنوات الجامعة وبدات فيها القراءة لنجيب محفوظ وانفتح لى عالم المقاهى وكأنه عالم سحرى لم اره من قبل ...... فى السنتين الاولى من الجامعة لم اترك قهوة فى نواحى جامعة القاهرة الا وقمت بارتيادها وعلى هذه المقاهى
رايت شباب الحركة الطلابية وفرق التمثيل الخاصة بكل كلياتها .....رايت على هذه المقاهى ... الهاجع والناجع والنايم على صرصور ودنه .......

 

جلست على مقاهى بعدد شعر راسى ابتداء من قلعة الكبش التى ذهبت اليها لاعمل باحد المشاريع الخاصة بالاثار وحتى مقاهى فنادق الخمسة نجوم والتى كنت اذهب اليها مدعوا فأنا لا املك رفاهية ولا قلب دفع مبلغ كبير فى دخان لا يفيد .... فما بالك بانه يضر ......
المقاهى البلدى هى غاية ما احب ..... لا اعترف بتلك الكوفى شوب والتى اصبح بعضها كمواخير وعلب ليل مليئة باصوات الموسيقى العالية والبنات التى تلبس ما يفضح اكثر مما يستر ..... تتملكنى تلك المقاهى البسيطة الطيبة التى لا تقدم الكوكتيلات و شيشة الكريز والكانتلوب ولا تعترف الا بالشاى والقهوة والعناب مشروبا رسميا ولا تقدم غير المعسل العادة .......

المقاهى فى مصر اشكال وانواع ...... ففى دمياط مثلا قليلا ما تجد دمياطيا يجلس صباحا على القهوة .... كما انهم لا يعترفون بالبقشيش .....
صعيد مصر فقير ..... المقاهى فقيرة كأهلها..... لكن الطيبة والجدعنة تعوض كثيرا مما تفتقده
اما الاسكندرية ...... فانا اعتقد ان مقاهيها من افضل مقاهى العالم ..... ربما الجو .... الروح .... جودة المقدم اليك ..... الاسعار...... لا اتحدث بالطبع عن مقاهى الكورنيش الفاخرة
فى شرم والغردقة ...... حدث ولا حرج ..... فالسرقة هناك عينى عينك ..... ويتم التعامل معك على انك سائح أسير ...... وإن كان المصريون العاملين هناك قد حلوا مشاكلهم مع اصحاب العديد من مقاهى السوق القديم واصبح لهم سعر خاص .......


خارج مصر بدأت فى السنوات الاخيرة انتشار المقاهى العربية فى العديد من الدول الاوروبية وغيرها كنتيجة طبيعية لتزايد اعداد العرب فى تلك البلاد ...... وان كنت عن نفسى لا اطيقها حيث تشعر وانت تجلس فيها انك تقوم بالتمثيل وان القهوة عبارة عن لوكيشن تصوير وان كل ما فيها من بشر وحجر غير حقيقى ......القهوة عندى تعنى مصر ...... حلوان – المقطم –بلطيم – قلعة الكبش – السيدة نفيسة – سور مجرى العيون – شارع القصرالعينى – سيدى بشر– اسوان - .......... هى تلك القهاوى التى تمتلأ بخبطات احجار الدومينو على طاولات الزبائن وقرقرة الشيشة وطقطقة الفحم والخناقات الممتعة ذات الافيهات اللاذعة حول ماتش كورة او موقف سياسى ...... هذا هو مفهوم القهوة عندى
.....
 

من اغرب الحكايات التى صادفتنى اثناء جلوسى على المقاهى ......هى حكاية حدثت معى باحد المقاهى الاصطناعية فى مدينة بانكوك التايلاندية – ولمن لا يعرف بانكوك فهى مدينة الموبقات الاولى فى العالم ....... وضع تحت الموبقات تلك الف خط وخط والموبقات هى كل ما تتوقع او لاتتوقع من شر فى هذا العالم الكبير العجيب ......
فى بداية زياراتى لمدينة بانكوك كنت لا اعرفها جيدا وقادتنى قدماى لاحد مقاهى الحى العربى هناك لاكسر ما احس به من غربة وحنين للوطن وقهاويه ....... واذ فجاة دخل المقهى فتاة ممشوقة القوام ترتدى الزى الخليجى وبرقعا يغطى وجهها ...... ومن بين كل طاولات المكان لم يقع اختيارها الا على طاولتى واقتربت وهى تنظر لى مباشرة بعيون واسعة كاحلة سبحان من ابدع خلقها وتسالنى فى صوت ساحر ........ ممكن اجلس ؟؟؟؟؟ رددت وانا اتلفت لعلها تكلم احدا اخر ...... اه طبعا اتفضلى !!!!
ردت بدلال : اسفة جدا .... بس انا لوحدى لمدة ساعتين .... اهلى بيسووا شوبنج ..... ومصدقت لقيت واحد عربى .... قلت اتكلم معاه شوية!!!!
- تلفت ورائى فوجدت كل من يجلس من العرب ...... قلت مش مهم ..... يمكن مش واخدة بالها !!!! فرددت قائلا..... لا ابدا اهلا وسهلا .....
هى - تحب تشرب ايه ؟؟؟
انا - لا والله ابدا ..... ده واجب علينا .......
      هى - لاااااااااا   انا لازم اعزمك ...... انا اللى اتطفلت عليك ......
وقامت بنداء الجرسون بسرعة وقالت له ان ياتى بما اريد ....... وعندما سألها عما تريد ان تشرب ..... سألته ..... عندكم كحول ؟؟؟؟
رد الرجل.....لا معندناش .... بس فيه بيرة !!!!
- خلاص هات واحد بيرة وشيشة تفاح ........
كنت اراقب الموقف وانا فاتح فمى ويكاد العرق يغرقنى ....... كيف ساجلس مع واحدة بتشرب بيرة ..... وكمان هتشد حجر وانا قاعد معاها .....ايه الجو ده يا ربى ؟؟؟ طب امشى !!! اسيبها واجرى !!! اثبت يا محمد اهى مصيبة وحدفت عليك ..... اصبر كلها نص ساعة وهتغور فى داهية ..... وبعدين يعنى ياما دقت على الراس طبول .... مش دى اللى هتاثر فيك ..... المهم جائت الشيشة وجاء معها المشروب ......
سألتها ...... هوه انتى متعودة على الشرب ؟؟؟؟
فردت ....لا ابدا انا باشرب بس لما ابقى مبسوطة ..... وانا النهاردة مبسوطة قوى انى شفتك ...... نيهاهاهاهاههاهااهاهاهاه
- سالتها .... ايه يا ستى ده ...... هوه انتى تعرفينى ؟؟؟؟
- فقالت .... فيه ناس مش لازم تعرفهم عشان تستريحلهم ......
آه ..... بقى الموضوع كده ..... ده ايه النهار الكوبيا ده ...... بدات مشاهد فيلم الحب فى طابا تتداعى للذاكرة .... لكن التفاصيل هناك كانت مختلفة تماما ..... كمان مكانش فيه قهوة فى طابا ...... والجو هناك كان كله مايوهات .... هنا العملية غامقة شويتين ..... اخذت افكر كيف انتهى من هذا المطب ..... الى ان حدث ما لا يتوقعه عقل .... وما عجز عقلى وقلبى عن استيعابه
...... ما ان وضع الجرسون الشيشة امام السيدة الا ووجدتها قد وضعت ساقا على الأخرى وقامت بازاحة البرقع عن وجهها لتشرب الشيشة ...... هنا حدثت المفاجاة .......تخيلوا ماذا حدث ؟؟؟؟؟....... لقد وجدت شابا مكتمل الرجولة ...... وشنبه من نوع شنب سمير غانم ..... وشعر صدره عامل جنينة ولا جنينة رشدى اباظة .........  يا نهار اسود ...... صرخت فيه ...... انت مين يا عم الحج ؟؟؟؟ فرد بدلع ..... انا كمال ......
- كمال مين يا بنى؟؟؟؟ وعامل فى نفسك كده ليه ؟؟؟؟
- فرد بنفس الطريقة .... اكل العيش يا باشا ........
- باشا مين الله يخرب بيتك .....
- رد مبررا .... الغربة وحشة يا باشا .......
- غربة ايه ؟؟؟ ونيلة ايه .؟؟؟
قمت بسرعة وانا الملم اشيائى وهو يتودد لى قائلا .... طب اقعد معايا شوية !!!
- ياعم غور فى ستين داهية.... اقعد فين ..... الله يحرقك  
وما ان بدات اتحرك الا ووجدته يصرخ فيا بصوت رجولى قوى .......طب مش هتدفع الحساب ولا ايه يا كابتن .......

 
محمد شلتوت

الأحد، 22 يوليو 2012

حلوة يا بلدى .....

الساعة تقترب من الواحدة صباحا واليوم هو يوم رؤية هلال شهر رمضان الكريم وانا وزوجتى قد اتفقنا على الخروج مساءا لشراء ما نقص من مؤونة رمضان والاولاد لاول مرة ينامون مبكرين فى هدوء بدون خسائر فى البيت او اصابات كبيرة فى الاجسام..... كل هذا جعلنى امدد جسدى على الفراش وانا قرير العين والانف والاذن والحنجرة
...... وبما ان بقاء الحال من المحال ..... واغلب لحظات الهدوء والسعادة تمر سريعا وبغتة ......
فقد باغتنى تليفون قادم من زميل لى فى مكتب تشغيل رحلات الضيافة يقول لى
- ..... اجهز يا محمد وحياة ابوك احنا عايزينك على رحلة ناقصة ولازم تطلعها.....!!! حقيقة لم استطع الرد لسببين ....
اولهما عنصر المفاجاة ...... ثانيهما لانى احمل تقديرا كبيرا لهذا الشخص لانه ساعدنى كثيرا اثناء تجهيز رسالة الماجستير الملعونة والتى جعلتنى مدينا بكثير من المجاملات لمن اعرف ولمن لا اعرف .......!!!
رددت بعد ان تماسكت قليلا ..... طيب ... الرحلة فين ؟؟؟

- الرحلة يا سيدى الاقصر- الكويت
قلت فى نفسى ...طب الحمد لله مقدور عليها ..... فاكمل كلماته القاصمة .....يوم فى الاقصروثلاثة ايام فى الكويت هتشتغل فيهم سوهاج واسكندرية !؟؟؟!!!

- يا نهار ابيض .... ايه ده يا عم الحج ده ..... كده اول يومين فى رمضان بره البيت .... حرام عليكم والله ....
- معلهش يا محمد .... الموسم شديد وانت سيد العارفين ....يلا وضب نفسك ....انا اتفقتلك مع العربية ..... هاتفوت عليك كمان ساعة ......
- ايه ده ؟؟ يعنى مش هاكمل نومى !؟؟!... حرام عليكم ......

.................. لم اسمع ردا غير صفير فى الجانب الاخر

وصلت الى الاقصر والمدينة تستقبل صباحها بجو ينبئ بحر شديد وان كان لا وجود للرطوبة واثناء انتقالنا للفندق رايت شوارع المدينة وقد تزينت استعدادا لرمضان..... الفوانيس .... الورق الملون ... افرع الاضواء الكهربائية التى تزين الاشجارومداخل المنازل ...... رمضان هو رمضان فى اى مكان فيكى يا مصر ..... وقت ثورة مش ثورة .....

فيه سياحة مفيش ..... فيه فلوس مفيش ..... هو رمضان بنفحاته المباركة التى تظلل مصر كلها ......

ارتميت على سرير الغرفة والتى جعلها التكييف مكان مثالى لنوم عميق اكمل فيه ماانقطع واستعد فيه لرحلة فجرية فى الغد للكويت العاصمة ......
استيقظت وكانت الساعة تشير الى السادسة مساءا ..... تعجبت كيف مضى النهار كله وانا فى هذا الثبات العميق ..... الا ان ما احسست به من انتعاش وهدوء جعلنى اسامح نفسى على انها جعلتنى انام كالبعير مدة تقارب النهار كله .......
ارتديت ملابسى وقررت الجلوس فى تراس الفندق الفخم والمطل مباشرة على النيل ويكاد يقترب منه جدا حتى تحس كانك تجلس فى احد القوارب الصغيرة التى تقطع المشهد امامك جيئة وذهابا
المنظر خرافى .... مهما حكيت لكم لا استطيع وصفه .... النخيل على ضفة النهر كانه مرسوم فى لوحة ربانية عظيمة ..... المياه تجرى فى هدوء وسكينة ..... تجعل ضغط دمك يهبط دون ان تشعر ..... اصوات العصافير التى عادت من رحلتها الصباحية والساكنة فى تلك الشجيرات المتناثرة حول ضفة النهر تضيف للمشهد خلفية موسيقية عظيمة ......
اخذنى المشهد وقتا لا اعرف كم منه قد انقضى ولكننى افقت على انوار البر الغربى وقد بدات فى الانارة لتضئ وادى الملوك لتحول المشهد كله لجو اسطورى ..... جعلتنى اردد بصوت ظاهر الله .... الله ..... ايه الجمال ده !!!
قطع صوتى صوت الصمت المهيمن على المكان وادار السياح الموجودين – وهم قلة – رؤوسهم نحو الصوت وجاء ناحيتى الفتى المسؤول عن المشروبات قائلا ....
- فيه حاجة ... حضرتك ... تؤمر بحاجة ؟؟!!!
- قلت فى تاثر ...... ايه يا عم الجمال ده ؟!! هوه فيه كده فى الدنيا !!والله العظيم انا لفيت الدنيا مشفتش كده !! ايه الحلاوة دى .....
ابتسم الفتى الاسمر ..... ورد قائلا ..... وعارف بعد كل ده نسبة الاشغال فى الفندق كام ؟؟؟...... لا تتعدى العشرة فى المائة ..... واللى قاعدين قدامك دول .... جايين هنا بتراب الفلوس ..... يعنى واكل ....شارب ... نايم ....بالمزارات ....بالاتوبيسات .... بالطيارة رايح ...جاى ...باقل من اللى بيدفعه فى بلده والنبى مش ده حرام .....!!!
لا تستطيع ان تدخل مناقشة وانت تعلم تماما ان من تناقشه على صواب مائة بالمائة ومهما قلت له عن الاحوال السياسية والاقتصادية وان اللى جاى احسن ان شاء الله......
الا ان الناس لا تعيش غير يومها .... هى لا تهتم بالمستقبل لانها لا تعرفه.... كما ان كثرة الضربات جعلتهم لا يثقون به كثيرا .... ويحاولون ان يتناسوا الماضى ... حتى لا يتذكروا مراراته .....
انهيت اليوم بجولة فى البلد .... وختمته على مقهى بلدى فى احد الحوارى
..... استقبلنى شاب بالترحاب وهو يقول اهلا بالقاهرة واهل القاهرة.... سالته انت عرفت ازاى انى من لقاهرة ؟؟؟.....
رد بذكاء .... يا استاذ من اول ما تدخل عليا من باب القهوة اعرف جنسيتك على طول !!!! يبقى مش هاعرف انت منين فى مصر .... دى سهلة قوى .....
طلبت النارجيلة واثناء انتظارها لاحظت وجود سيدة عجوز اوروبية الملامح تجلس على الكرسى المقابل وتتحدث العربية بلكنة مصرية فائقة ..... عندما اتى الفتى بالشيشة سالته عنها .....
قاللى آه .... دى الحاجة فيكتوريا ..... دى واحدة انجليزية عايشة هنا من اكتر من عشرين سنه ومش عايزة ترجع بلدها وبتحب الاقصر مووووت والعيال هنا سموها الحاجة فيكتوريا يمكن عشان انجليزية ...... بس حق ربنا يا ستاذ .... ست طيبة جدا .... وخيرها على لصغير والكبير ..... ولما بتغيب بنسال عليها وهيه كمان بتسال علينا وتودنا ..... تقدر تقول بقت عشرة عمر ..... ضحكت فى داخللى ..... وادركت انه مهما حدث فلن يستطيع احد ان يغير مصر..... مصر قد تمرض ...... لكنها لا تمووووووت ......

يتبع ..... رحلة للكويت
محمد شلتوت

الجمعة، 11 مايو 2012

أخيراااااااااااااا......!!!

تم بالامس الموافق الخميس العاشر من مايو 2012 بكلية السياحة والفنادق - جامعة حلوان مناقشة رسالة الماجستير الخاصة بالباحث / محمد ابراهيم شلتوت وعنوانها ....

( اهمية الانشطة التجارية فى تعظيم ايرادات المطارات )

الشكر كل الشكر لاولئك الذين احاطونى بمشاعرهم الرقيقة سواء حضورا اواتصالا او كتابة ..... ويعلم الله اننى لا استحق كل هذا فمهما قدمت لن اوفى حقهم علي ......
ويتبقى شكر اخير ..... لكل من علمنى حرفا طوال حياتى .... دعاء للاحياء منهم بطول العمر والصحة والستر .... ولمن فارقنا بجسده الرحمة والمغفرة ......... اللهم ارحم من علمنى ....... اللهم ارحم من علمنى
.

محمد شلتوت

الخميس، 19 أبريل 2012

ادينى عمر .... !!!

تظل مسالة الموت والحياة بالنسبة لى مسالة قدرية لا دخل للانسان فيها ... مهما تقدم البشر ومهما بلغ الطب مستويات كان الانسان يظن الوصول لها صعب المنال ......
فقدت اثناء حياتى القصيرة الكثير من الاصدقاء ممن كنت احسب اننا سنكمل مشوار الحياة معا ومازلت اقابل اناسا كنت اظن ان الحياة لن تطول بهم ..... فاسمع صوت يتردد داخلى ان الاعمار والارزاق بيد الله ........ وحده
كنت طفلا عندما فقدت امى فجاة فهى لم تكن كبيرة سنا كما لم تكن تعانى مرضا عضال ..... اختفت فجاة من وسط حياتنا ذات مساء فاحدثت زلزالا لا زالت توابعه تهزنى حتى اليوم ...... الا اننى تعلمت يومها ان الموت احيانا كثيرة لا تكون له مقدمات كما ان الحياة .... ليست لها اسباب !!!

على الطائرات نرى حالات كثيرة تسافر من اقصى الارض لاقصاها املا فى علاج اوبحثا عن دواء وقد تعود بعد كل هذا الجهد والمال فى باطن الطائرة وليس على مقاعد الركاب وكذلك رايت حالات يظن الواحد منا انها مسافرة لتلقى ربها فاذا بها بعد شهرتفاجئك فى رحلة العودة والصحة تعلو وجهها وضحكاتها تملئ ارجاء الطائرة !!!


الا ان اغرب ما سمعت فى حياتى تظل قصة حكاها لى احد الاقارب وكان يعمل مديرا باحد مصانع القطاع الخاص ....... وذات يوم كان يقوم بزيارة احد عمال المصنع الذى تدهورت حالته الصحية فجأة فتم نقله لاحد المستشفيات القريبة وبينما هو جالس مع الرجل ويدعى عم محمود والذى كان فى شبه غيبوبة اتى الطبيب المعالج وطلب منه الكلام على انفراد فقام الرجل معه فاخبره الطبيب ان عم محمود لم يتبق له فى دنيانا غيرايام قليلة ..... والافضل له ان يقضيها وسط ابناؤه بدلا من البهدلة والموت بعيدا عن اعين الاقارب والاحباب ..... فاكد قريبى هذا على رايي الدكتور واخبره انه سيحاول ان يخبر عم محمود بهذه الحقيقة ولكن بطريقة لطيفة حتى لا يشعر الرجل بان الحالة قد وصلت للنهاية .......رجع قريبى لعم محمود فوجده قد استرد وعيه قليلا وفتح عينيه وقال فى صوت متهدج ......ارجوك يا بيه انا عايز اخرج من المستشفى دى !!! انا حاسس انى لو كملت هنا هاموت !!! انا عايز ارجع بلدنا !!! ادينى اجازة اسبوع !!!اسبوع بس يا بيه ... فرد الرجل عليه ..... اوامرك يا عم محمود احنا يهمنا صحتك ... لو عايز تخرج من المستشفى احنا تحت امرك ...... ولو عايز اجازة معندناش مانع خد اسبوعين وهنخللى عربية الشركة توصلك للبيت كمان ...... المهم ترجع لنا بالسلامة وترك الرجل عم محمود بعد ان نظر فى وجهه طويلا وكانه يتطلع فيه لاول مرة فالله وحده اعلم هل سيراه ثانية ام لا ؟؟!!.................. مرت الايام وتلقى قريبى هذا مكالمة تليفونية بعد اسبوعين من عم محمود فاستشعر بان نهاية الرجل يبدو انها قد اقتربت جدا ...... لكنه مع بداية المكالمة لاحظ تحسنا كبيرا فى صوته ....... فساله عن الصحة فقال له انه الحمد لله قد بدء يتعافى فساله ان كان يستطيع ان يقدم له اى خدمة ......
فسكت الرجل قليلا ثم قال انه يريد فقط ان ياخذ اسبوعين اخرين اجازة حتى ولو بالخصم !!!!!!!!!
فساله قريبى هذا عن السبب ...... فرد الرجل بانه سيقوم بالزواج خلال يومين ؟؟؟!!!!!!
فساله قريبى ؟؟؟ هوه مين اللى هيتجوز خلال يومين؟؟!!!
فرد عم محمود ..... انا يا بيه هتجوز بعد يومين
ذهل الرجل ورد قائلا ...... لا حول ولا قوة الا بالله انت هتتجوز ؟؟؟ ازاى يا عم محمود .... ده انت هتموت يا عم الحج ؟؟!!
عم محمود : فال الله ولا فالك يا بيه .... الحمد لله انا زى الفل
المدير : يا سيدى ربنا يديك طولة العمر ..... بس ازاى ؟؟!!
عم محمود : هتقول لربنا ازاى يا سعاة البيه !!؟
المدير : لا اله الا الله ونعم بالله يا سيدى مفيش راد لارادة ربنا
عم محمود : يعنى انت موافق على الاجازة يا باشا
المدير : موافق يا سيدى .... موافق ..... انت متاكد انك عم محمود سيد
عم محمود : ايوه والله يا بيه انا محمود سيد ...... على العموم يا باشا الف شكرعلى الاجازة وياريت تيجى
المدير : اجى فين ؟!!
عم محمود : الفرح يا بيه ...... ده انت تشرفنا
المدير : اقفل السكة يا راجل انت وروح اتجوز ولا روح اتعالج ....... المهم متغيبش بعد الاجازة
ويحكى قريبى هذا ان الرجل امتد به العمر وانجب من زوجته الجديدة ....... ترك قريبى العمل بهذه الشركة بعد فترة الا ان علاقته بعم محمود استمرت والذى كان كلما اتصل به فى المواسم والاعياد يقول له فى لهجة صعيدية محببة ........ والله العيال يا باشا بيبوسوا ايديك
فيرد قريبى عليه : يحى العظام وهى رميم ......... فعلا ادينى عمر ...... وجوزنى !!!!

محمد شلتوت

الأحد، 1 أبريل 2012

ذكريات ...... (4)

فجر يوم الجمعه 28 يناير
كنت قد قضيت طوال الليل بمطار بيروت اتابع اخبار مصرعن طريق النت وخاصة ان الشبكة العنكبوتيه قد تعرضت خلال اليومين السابقين بالقاهرة لابطاء متعمد وانقطاع متكرر للخدمة ....... كانت الرحلة تقتضى ان امكث بمطار بيروت حوالى خمس ساعات على ان اعود للقاهرة فجر جمعة الغضب ..... كان كل من بلبنان قلقا على احوال مصر وكيف سيكون عليه الغد .... هل سيمر على خير ؟؟؟ ام ان مصر ستسير على خطى تونس !!!
هناك رايت الفنانه الشهيرة تتحدث فى هاتفها المحمول بعصبية تطالب من على الطرف الاخر بان يترك القاهرة على الفور ..... لان الدنيا ...... هتتقلب !!! كان كل من على متن الطائرة يعرف ان اليوم يوم فارق ويدعون الله ان يمر بخير ...... !!!
حتى كابتن الطائرة وهو صديق لى وجدته يقول ونحن ننزل من على سلم الطائرة وضوء الفجر يتسلل من بين غمامات ثقيلة فوق ارض المطار ...... النهار ده شكله مش شكل اى نهار يا ترى بكرة هيكون ازاى ؟!!! ابتلعت كلماته فى خوف واخذت سيارتى من موقف سيارات المطار متجها لمنزلى فى المقطم عبر طريق صلاح سالم وقد بدا ضوء النهار ينتشر فاشار الى تحركات ضخمة من عربات الامن المركزى تتحرك الى اهدافها فاخذت فى الدعاء والتضرع ............
وصلت للمنزل فى تمام السابعة فارتميت على السرير مرهقا – لم يكن هناك احد بالمنزل – حيث كان اليوم هو يوم خطوبة اخت زوجتى ...... ههههههههههههههه ياللحظ!!!!
استغرقت فى نوم عميق لم يقطعه غير صراخ جرس تليفون المنزل مصمما على الرد .......
تحاملت على نفسى وقمت لارد فاذا به احد اقرب اصدقائى فى العمل ليسالنى .....
- انت مش هتصللى الجمعة ولا ايه ؟؟!!

- قلتلله طبعا هاصللى .......

فرد ..... خلاص تعالى صللى معانا فى جامع رابعة العدوية وبعدها هنخرج كلنا بعد الصلاة ......
اعتذرت قائلا اننى ساقوم بالصلاة فى المقطم واكيد هتبقى فيه مظاهرات هنا وهاخرج فيها .......
بس هوه انت بتتكلم على تليفون البيت ليه ؟!! موبايلك فين ؟؟؟ فرد ضاحكا موبايل مين يابنى !! الموبايلات قاطعة من امبارح بالليل !!! نظرت الى لموبايل بجوارى فوجدته جثة هامدة ....... لحظتها احسست بان المواجهة لابد ان تقع وانها جد لا هزل فيه ............


ارتديت ملابسى واتجهت لواحد من اكبر مساجد المقطم وقد لاحظت بداية وجود عربة بوكس امام المسجد وهذا غير معتاد !!! ولم اره من قبل سواء عند مقتل السادات او حتى فى عزالمواجهات المسلحة بين الدولة والجماعات الارهابية ... كما وجدت ان اعداد المصلين غير كبيرة فقد اثر الكثيرون السلامة ...... كما لاحظت وجود اعداد غير قليلة من الاشكال الغريبة والتى كانت تتلفت حولها كل فترة ..... واغلب الظن انهم كانوا من المخبرين والناضورجية بتوع الداخلية وقد تاكد لى ذلك بعدها ......
وبعد انتهاء الصلاة حاول احد المصلين ان يمسك بالميكرفون ويتكلم الا انه تم نهره واغلق الميكرفون ولاول مرة ارى المسجد يتم اغلاقه سريعا بعد الصلاة وكانهم خائفون من شئ لم يكن قد اتضح لى بعد ........
الا انه على غير ما توقعت انصرف الناس سريعا كل الى حاله بعد الصلاة ولم ينطق صوت واحد باى شعار او هتاف !!!!
الا اننى وجدت فتاتين تضعان علم مصر على كتفيهما فالتف حولهما مجموعة من تلك الاشكال الغريبة التى كانت متواجدة داخل المسجد وفى لحظات سريعة تم تطويقهما وادخالهما بسرعة داخل ميكروباص انطلق بسرعة وسط صراخهما المدوى وذهول النااااااااااس !!! يالله هذه اول مرة اشاهد مثل هذا ؟!!
اخذت سيارتى واخذت اجوب المقطم جيئة وذهابا ولكن لم يكن هناك اى شئ !!! لا يوجد شئ !! ماهذا ؟!! هل انتهى اليوم ؟!! هل هذه هى الثورة التى كنت اتوقعها ؟!!
وبعد ان اعيانى اللف والدوران رجعت للمنزل لافتح التليفزيون ...... بحثت عن الجزيرة فلم اجدها ؟؟؟ ما هذا !! الى هذه الدرجة ؟؟ اذن الى قناة العربية ؟؟؟ غير موجودة ؟؟؟ ما هذا !!! هل تحكموا فى كل شئ !! هل رجع بنا الزمان للستينات ؟!! لم يخرجنى من كل هذه الافكار والمحاولات غير صوت صديقى يبكى فى الهاتف ويقول انت فين يا محمد !! البلد مقلوبة !! البلد كلها برة !! مصر كلها فى الشارع ....... انا باكلمك من عند اهلى فى العباسية .......
لقد بدء من رابعة العدوية بمدينة نصر وهو الان فى العباسية .......!!!
لقد نزلوا ........ ولن يرجعوا ................


يتبع .....
محمد شلتوت

الاثنين، 23 يناير 2012

ذكريات ......(3)

مساء يوم الثلاثاء 25 يناير
كانت الساعه تقترب من الواحدة صباحا وانا اقطع طريق الاوتوستراد عائدا من حلوان للمقطم بعد ان امضيت امسية شتوية مع اصدقاء عز الزمن علينا ان نلتقى كثيرا ....... كان الطريق خاليا بطريقة مريبة وامتدت يدى لتفتح الراديو لعله يبعد عنى ملل الطريق الطويل ...... كانت الدعوات قد انتشرت منذ فترة للتظاهر فى يوم عيد الشرطة كرد فعل لافعال رجالها وانتشرت فى القاهرة رسائل قصيرة مجهولة المصدر تستقبلها اجهزة الموبايل للخروج يوم 25 كما ان الرسائل الواردة على اجهزة الكمبيوتر اصبحت تمتلأ بفضائح الحزب الوطنى وكوارثه وثروات رجاله وصورهم المستفزة – وكان من اشهرها صورة الرجل الذى يقوم بالباس احمد عز الحذاء ....... !!!!
كان الحديث المسيطر على جلسة المقهى ان هذه الوقفات لن تاتى باى نتيجة وانها ستنتهى مثلما انتهت الاف الاضرابات والوقفات قبلها ......... مافيش فايدة !!!
انطلق صوت الراديو ليكسر صمتا رهيبا يلف المكان من حولى ...... لا زلت اذكر ما سمعته ..... كانت الاذاعية بثينه كامل تستضيف الفنانه منى زكى وكان الحديث يدور حول التبرع بالدم وجاء صوت منى زكى متهدجا يدعو المستمعين للتبرع بالدم وخصوصا فى ظل هذه الظروف العصيبه .........ظروف ؟!! عصيبه ؟!! هوه فيه ايه !!!
وكلما حاولت بثينه كامل التركيز على موضوع الحلقة فقط ...... عادت منى زكى لتقول ان دماء المصريين غالية ولا تستحق ما يحدث لها وما بين الفقرة والاخرى تاتى العديد من الاغانى الوطنية لتملأ نفسى قلقا واضطرابا حتى ايقنت اخيرا ان ........ لأ .....لأ .....لأ ده الموضوع كبير
ما ان وصلت لمنزلى حتى اسرعت للتليفزيون لاشاهد ما يحدث وفتحت الجزيرة فيالهول ما رايت ........ الالاف من الشباب يتجمعون داخل الميدان يحاولون الاعتصام به وقوات الشرطة تفتح عليهم خراطيم المياه وتضرب عليهم قنابل الدخان !!!! مناوشات بين الشباب والشرطة ومطارادات فى منطقة وسط البلد من شارع لشارع والمئات من المعتقلين !!! اخذت اسال نفسى ...... كيف تجمع هلاء الشباب بهذا العدد ؟؟؟ وهل ستنتهى الوقفات الى هذا الحد ؟؟؟؟ ماذا سيفعلون بهؤلاء الشباب ؟؟؟ هل سيقتلوهم ؟؟؟ كيف سيكون الغد ؟؟!! اخذت اتابع قنوات التليفزيون حتى دق جرس الموبايل فى وسط الليل ليقطع حبل افكارى الذى ارهقه ما يشاهده ...... كان المتصل صديقا عزيزا من زملاء الضيافة لم اراه يوما يتكلم فى السياسة ولم يعرف عنه اى نشاط عام بل هو شخصية هادئة بعيدة كل البعد عن المظاهرات والاعتصامات ..... جاء صوته هادرا غاضبا يصف تفصيلا ما حدث له ولزوجته وابنته اثناء النهار ....... !!!! سالته زاهلا ........ هوه انت نزلت انت ومراتك وبنتك ؟؟! رد بثقة .... ايوه طبعا ..... كفايه قرف بقى .... لازم نتحرك ....... رددت زاهلا..... يا عم الحج ده انت عمرك ما تكلمت فى السياسة ؟؟؟ تقوم تنزل وكمان معاك مراتك وبنتك !!!! فرد فى هدوء بصراحه يا محمد اللى نزلنى البنت ..... لما شافت الدعوه على الانترنت ..... قالت لازم تنزل ( طالبة ثانوى ) واقنعت امها ........ قلت يعنى انا اللى هاقعد فى البيت ....... ( احسست يومها ان شيئا كبيرا قد تغير فى مصر ونمت يومها وانا على يقين ان الامس مات بغير رجعه ........ والايام حبلى بما لا يمكن تخيله ......)

يتبع .....

محمد شلتوت

الأحد، 22 يناير 2012

ذكريات ..... (2)

كل يوم كنا نصحو وهناك خبر مريع اما يفاجئنا على شاشات التليفزيون او نقرأه على صفحات الجرائد ..... حوادث فظيعه ..... قتل مع سبق الاصرار لفنانه وياخذ صاحبها 15 سنه سجن !!!!..... قتل شاب فى الاسكندريه على يد مخبرين فى قسوة بالغه وصورته قبل وبعد مقتله تقطع بسكاكين فى القلوب ....... حريق فى مسرح يتحول لمحرقة عظيمة ..... قطار يحترق وعدد القتلى غير معروف حتى الآن !!! سفاح يقتل عدد لا بأس به من البشر وفى النهاية نكتشف انه مختل !!!..... احتقان متصاعد بين المسلمين والمسيحين تنتهى بمصيبة وفى النهاية تلجأ الدولة للحل العرفى !!!..... ليست هذه جرائم عادية تمر مرور عاديا لكن كل جريمة منهم تهز اى دولة محترمة وتقيل حكومات من الوزن الثقيل الا ان الوضع فى بلادنا كان يمر مرور الكرام وكأن شيئا لم يحدث !!! ........ .
الا ان هناك حادثتين بعينهما ارى انهما كانتا ذات تاثير كبير على الناس ...هما
حادثتى ...... العبارة ومقتل خالد سعيد

كانت حادثة العبارة حادثة غير عادية ..... كان حدوثها مباشرة بعد فرحة عامرة بالفوز بكاس الامم الافريقية واعتقد ان كثير من المصريين قد اصابهم تانيب ضمير شديد ...... كان المصريون سهارى حتى الصباح يحتفلون بالفوز فى مباراة كرة قدم والآلاف من ابناء وطنهم يصارعون الموت وسط هدير امواج فى ليل مظلم ساعات وساعات لم يتقدم لهم احد لينقذهم ..... كانوا يستصرخون السموات بين امواج كالجبال وصقيع تتجمد له الاطراف ...... كنا ننام فى بيوتنا الدافئة واكثر من الف مصرى يموتون موتا بطيئا وهم يلعنون الظلم والفساد والمحسوبية والرشوة والاحتكار الذى اركبهم عبارة مضى زمانها لكى تغرق بهم وولاة الامور ينامون ملئ جفونهم وقواتنا التى لا تقهر لا تتحرك قيد انملة لانقاذ ارواح كرمها الله واهانها الانسان بجبروته وغطرسته وديكتاتوريته ........
لا اشك لحظة ان دعوة مظلوم يواجه موجة عاتية بايدى عارية قد انهكت حتى استسلم لقدره فرفع راسه ليواجه سماء مظلمة ليدعو ربه فيمن ظلمه فتقبلها الله وان ارجأها ليوم معلوم ....... الله يمهل ولا يهمل حتى اذا اخذ ...... اخذهم اخذ عزيز مقتدر

ملحوظة : لم تعلن مصر الحداد الرسمى على مقتل اكثر من الف مصرى فى كارثة لم يماثلها فى العالم الا حادثة تيتانيك !!!! بينما اعلنت الكثير من القنوات التليفزيونية الحداد عند وفاة حفيد الرئيس ( رحمه الله ) ثلاثة ايام نفاقا وتزلفا للرئيس !!!!!

الحادثة الثانية هى حادثة مقتل خالد سعيد ( رحمه الله ) ودون الدخول فى تفاصيل حياته الشخصية ومهما كان ما له وما عليه الا ان ما اصاب المصريين بالرعب هو طريقة موته وصورته المنشورة بعد مقتله ...... كان الفارق رهيبا ..... صورة ملائكية لشاب فى مقتبل العمر... يبتسم ابتسامة خفيفة وكانه ينظر لمستقبل واعد .....صورة لشاب مثل الملايين من الشباب الذين يسميهم المصريين ( اولاد الناس ) لم تكن صورة لبلطجى او مسجل خطر لم يكن بوجهه ندبات او جروح ..... باختصار كانت صورة تماثل صوراخواننا واقاربنا واصدقائنا ..... كان بالنسبة لنا كانه صديق قديم .... نعرفه .... شاهدناه من قبل ..... لا نعرف اين ؟؟ ولكننا نعرفه .....
ثم صورة بشعه لشاب قد تم تشويه وجهه تشويها شديدا لدرجة انك لا تستطيع الربط بين الصورتين .... خفنا كلنا من ان يكون الدور القادم علينا .... على اخى .... على زميلى ..... على جارى..... لهذا تعاطفنا تعاطفا صادقا........
كان الغضب يتصاعد والغليان يتزايد وظلام الليل يتراكم .......
كنا نجلس على المقهى فيذكرنا صديقنا الاخوانجى بالاية الكريمة .......( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيب )
يتبع ........

محمد شلتوت

السبت، 21 يناير 2012

ذكريات ......(1).!!!!

ها هو عام قد مضى بخيره وشره …… بحلوه ومره …… هدأت النفوس تارة وثارت تارة اخرى .....
لكننى عندما انظر الآن لتلك الايام وقد صارت ماضيا اشعر شعورا مختلفا عما كنت احسه وقتها ..... تداعت الذكريات فى نفسى وخفت ان ينسى العقل التفاصيل بمرور الايام والاعوام فاجبرته على كتابة ما عايشته وما مر بى لعل ما كتبته يفيد يوما او يجعلنى أذكر تفاصيل ما نسيته فاحمد الله على مشاركتى فيه ….. او اعض بنان الندم وابتلع غصة لا اشك انها ستقف فى حلقى …… اذا ما مد لى الله العمر لارى !!!

كانت الحياة تسير مملة بطيئة ….. البلاد في الفساد تغوص بسرعه …. لا تستطيع انهاء مشوار فى اى مصلحه حكومية او حتى خاصة بغير الدفع الفورى ….. اقسام الشرطة تحولت لسلخانات والاهانات اليومية من الضباط اصبحت شيئا عاديا تعودت عليه الغالبية …..
يعمل الجميع حساب ان يقوموا بانهاء اى مصلحه داخل الاقسام او اى جهة تابعة للداخلية مخافة المهانه او الاذلال ولابد من البحث عن قريب او واسطة او رشوة حتى تنتهى مصلحتك بدون مشاكل !!!!

احد الاصدقاء الذين يسكنون مدينه 15 مايو القريبة من حلوان والتى يقطن فيها بجوار قسم الشرطة اقسم لى انه يبحث جديا عن سكن اخر لانه كل يوم ينام ويصحو على صوت ضرب المحبوسين وصراخهم والشتائم القذرة التى يتفاخر بها الضباط والامناء …. وحكى لى عن تسلق احد المحبوسين برج الاتصالات المقام داخل القسم عاريا تماما مهددا بالانتحار بعد ان امتلأ جسمه بالجروح من الضرب اليومى …….( تم حرق هذا القسم قبل الثورة بسبب قيام الضباط بضرب طالب بالكلية الحربية واهانته هو ووالده ولان لا احد يستطيع الوقوف امام الشرطة استعان الطالب بزملائه من طلاب الكلية الحربية ودمروا القسم تماما


معاملة سيئة للجميع لا تفرق بين شيخ كبير او سيدة او حتى دكتور فى الجامعه وهو ما جعل قصص اعتداء رجال الشرطة على المواطنين طقس شبه يومى ……
غليان يتجمع فى الصدور وانتقاد متواصل لكل ما يحدث فى البلاد …… تشنيع على كل الشخصيات العامة وتشويه للصورة حتى لم يسلم احد من قلم صحفى ماجور او محامى يدعى الشرف ليجرجر فى المحاكم من يريد النظام اهانته وعقابه …… صفحات على النت تتوالى غاضبة واحداث لم يكن اشد المتشائمين يتحسب وقوعها …….

- احداث المحلة الكبرى 6 ابريل 2008 اعتقد انها الشرارة الاولى والتى لم يشعر بقوتها كثيرون …… للاسف لم تشعر بها القاهرة رغم ان هناك الكثيرون شاركوا فى حملة الاضراب العام يومها – اما خوفا او غضبا – لا ازال اذكر هذا اليوم عندما اخبرتنى زوجتى قبلها بانها لن ترسل الولد للمدرسة خوفا مما سيحدث فى الغد ….. تسائلت ماذا سيحدث فى الغد ؟؟!!! لقد ادمن المصريون الخنوع … لن يحدث شئ !!!
خرجت يومها لوسط البلد لانهى اوراقا حكومية كان لابد من انهائها …… ذهلت من كم التواجد الامنى ….. كما اننى فى حياتى لم ار وسط القاهرة خاليا مثل ذلك اليوم ….. الا ان الذين لا ترى عيونهم شمس النهار برروا هذا بهبوب عاصفة ترابية تزامن هبوبها فى نفس اليوم والاشاعات التى سربت بان احداثا ارهابية ستقع يومها مما جعل الكثيرون يختباون فى البيوت ……. لم تعرف القاهرة يومها ماذا حدث فى المحلة …… بسبب التعتيم الاعلامى الرهيب والذى جعل من مراسل البى بى سي نفسه يقول ان المحلة تحترق ولكن لا مغيث بسبب الحصار الشديد للشرطة …… يومها لم يتكلم برنامج واحد فى مصر عما يحدث – الا برنامج واحد برغم عدم محبتى له – برنامج عمرو اديب ( القاهرة اليوم ) وكانت الصور الملتقطة بشعه و الوضع ماساوى ……لا ازال اذكر كلمة رجل عجوز كان يجلس بجوارى على القهوة وقتها …… الناس خلاص طقت والله يابنى الراجل ده مش هيكمل سنتين ….تلاته !!!!
ومرت احداث 6 ابريل فى المحلة بعد عمليات قمع شديدة تم تصويرها على انها كانت لازمة لمنع التخريب واحراق البلد ( ملحوظة هامة …… فى احداث المحلة تم اصابة عدد كبير من الشباب فى عيونهم …….وكانها كانت بروفة لما حدث بعد ذلك !!!!)
لم يعلم المصريون ماذا حدث هناك ؟؟!!! وكم من الارواح زهقت وكم من الاصابات سجلت وكم عدد المعتقلين وكيف عوملوا !!!! كانت الاسئلة كثيرة ولم تكن هناك اجابة
الا ان المؤكد ان هناك شيئا ما قد تغير ….. وتغير للابد !!!!
يتبع ......

محمد شلتوت