الخميس، 31 ديسمبر 2009

انا......ايطالى

اعلم ان كثيرين ممن سيقراون ما اكتبه الان سوف يعتبرونه من بنات افكارى او اننى اختلقه لمجرد كتابة شئ غريب حدث لى واريد ان ارويه بطريقة مثيرة تلفت الانتباه او تشد القارئ نحو حدث لم يحدث بالفعل .....


لكن اشهد الله ان ما سارويه هنا حدث فعلا على احد الطائرات المتجهة لايطاليا منذ شهور والتى جرت احداثها كما سارويه لكم الان ....


كان الوقت ظهرا والطائرة تستعد للاقلاع متجهة نحو مطار ملبنزا وهو المطار الرئيسى لمدينه ميلانو الايطالية وكان عملى يقتضى بالقاء نظرة اخيرة على الركاب والتاكد من ربطهم للاحزمة بالاضافة الى التاكد من خلو ممرات النجاة من اى عائق قد يحول بين الركاب والخروج منها فى حالات الطوارئ .....وعند تفقدى لهذه المخارج بدات احداث قصتنا


فوجئت باحد الركاب الجالسين بجوار مخرج الطوارئ يحتضن شنطة كبيرة على رجله بطريقة غريبه ........

فبدات الحوار معه بهدوء كالاتى
انا : من فضلك ممكن نحط الشنطة فوق فى المكان المخصص للشنط ؟؟؟
الراكب بقرف : لا انا مستريح كده
انا : معلهش يا فندم ما ينفعش .....اصل ده مخرج طوارئ !!!
الراكب بصوت عال : بقولك ايه .....مش هاطلع حاجة ....وشوف هاتقدرتعملى ايه ؟؟؟؟
ونظرا لتجارب سيئة سابقه ونظرا لاننى امنت بالا اكون ملكيا اكثر من الملك واقتنعت بالنظرية الشهيرة
الخاصة بربط الحمار فى المكان اللي يحبه الحمار .....اقصد صاحبه
لذا رددت بهدؤ : يا فندم حط الشنط مطرح ما تحب ولو فيه شنط فى حتة تانيه عايز تحطها جنبك ما فيش مانع ...
ابتسم ابتسامة رافت الهجان لما جند حسن مصطفى فى المسلسل وقال بعجرفة ......اتكل على الله!!
اتكلت على الله وذهبت لرئيس الطاقم وحكيت له عما حدث فنظر الى نظرة جمعة الشوان لما عرف ان اخوه بلغ عنه
وقال بحدة : وازاى تسيبه يحط شنطه كده؟.... ده اهمال ....تعال معايا
واتجهنا نحن الاثنين للراكب وقبل ان نصل اليه وجه الرجل اصبعه ناحية رئيس الطاقم وقال له
- زميلك جالى من شويه .....وشنط مش هاشيل .......,اعلى ما فى خيلكم اركبوه
يا نهار اسود الموضوع كبر وبقى فيه خيل وحمير ومش بعيد نلاقى جمل طالع علينا .....
اخذت انتظر رد رئيس الطاقم الذى جاء هادئا وهو يقول له : يا فندم مش هينفع كده لازم الشنطة تبقى فوق ..... ده ضد سلامة الطيارة
- نظر له الراكب ورد ببرود : على جثتى...... الشنطة مش ممكن تطلع فوق ابدا
تازم الموقف وبدا غضب رئيس الطاقم يذداد وهو يقول : يا استاذ ما يصحش كده .....متخليناش نتبع اسلوب تانى
- الراكب : اسلوب ايه ؟؟؟ انتم اساسا ......متقدروش تعملولى حاجة .....انا باسبور ايطالى !!!
- رئيس الطاقم : يافندم للصبر حدود
- الراكب : غنى ...غنى .....ما هو ده اللى تقدر تعمله
- رئيس الطاقم : طب بص هنديك دقيقه لو ما قمتش حطيت شنطك فوق هنضطر نبلغ الكابتن ونرجع تانى
وننزلك انت وشنطك وساعتها بقى خلى باسبورك ينفعك وانت بيحققوا معاك ..........

وتركناه انا ورئيس الطاقم متجهين لمقدمة الطائرة وعند باب الكابتن نظرت للوراء فرايت الرجل وقد قام بوضع حقيبته فى المكان المخصص وهو يسب ويلعن
ولاحظ رئيس الطاقم ما حدث فقال بلغة المنتصر : عيل ما يجيش الا بالعين الحمرا
اعتقدت ان الحكايه قد انتهت الى هذا الحد .... الا انها كانت البدايه......


ما ان بدات الطائرة فى الارتفاع عن الارض الا ورايت الرجل يقفز من مقعده بسرعه ويفتح مكان الشنط وياخذ شنطته ويحتضنها مرة اخرى ..... رأي الجميع ما حدث وطلب منا رئيس الطاقم الحذر فى التعامل مع هذا الراكب لانه على حسب قوله .......... شكله لاسع
الا انه للاسف بدأ ينتاب جميع ركاب الطائرة الخوف من الراكب ومما يحمله فى هذه الحقيبه الغريبه
اريد ان اقول لكم انه بداية من هذه اللحظة اصبح هذا الراكب هو موضع انظار جميع الركاب
حركاته .....سكناته ....نظراته ......وساهم فى هذا الاهتمام انه لم يكن يتحرك الا وهو محتضن تلك الشنطة العجيبة
وكانه يحمل طفلته ... خائفا عليها من ان تضل الطريق

بدانا بتوزيع الطعام وعندما وصلت الى الصف الذى يجلس فيه رايت شيئا مرميا بالقرب من كرسيه ....
التقطته فاذا به مجموعة من الصور الشخصيه له وهو يرفع.......شبشب
أي والله العظيم شبشب قديم ومعفن فرفعت الصور من على الارض وسلمتها له وانا اقول ..... الصور بتاعتك وقعت على الارض
فرد مترددا : لأ ...لأ الصور دى مش بتاعتى
فقلت له وانا اقلب نظرى بين الصورة ووجهه : غريبه ....الصور شكلك خالص
فرد قائلا : يخلق من الشبه اربعين
فقلت : ماشى اربعين بره الطيارة ...بس هنا ما فيش حد يشبه الصور غيرك
فرد : يا اخى قلتلك مش انا ...هوه بالعافيه ؟؟
فقلت : لا عافيه ولا حاجه الصور معايا لو عايزهم تعالى خدهم ......وانصرفت
مرت الرحلة بلا مشاكل سوى قلق الركاب الرهيب من هذا الشخص الغريب وقبل ان تصل الرحلة لنهايتها
وبينما انا جالس فى مؤخرة الطائرة سمعت صوتا يقول لى : ممكن آخد الصور؟
رددت : وكنت بتنكر نفسك ليه ؟؟
قال بأسى : اصلك انت ما تعرفش ايه اللى حصلى فى مصر ؟؟
سالته : ايه اللى حصل ؟؟
قال : رحت اجدد الباسبور المصرى.... بقالى كتير ما جددتوش .....مش عارف ايه اللى هبشنى فى دماغى اجدده المرة دى .....المهم الموظف اللى هناك لعب بيا الكورة .....
لأ يا استاذ لسه مش عارف دمغة ايه ؟؟ ارجع اجيب الدمغه ......لأ يا استاذ لسه مش عارف طابع مين ؟؟ ارجع اجيب الطابع ......لأ لأ انت ما جبتش شهادة الجيش ......لازم ترجع تجيبها ........
فضلت كده اسبوع وفى الاخر وانا واقف فى الطابور لقيت واحد ورايا بيقولى ياعم مشى حالك وطبق عشرين جنيه وارميهاله ...
قلت : لا...لا.....مش ممكن يا راجل ده موظف حكومه
رد : ماهو عشان حكومه لازم تعمل كده ....انت مش من هنا ولا ايه ؟؟؟ قالها لى وكانه يتذكر حادثة مؤلمة ترددت كثيرا قبل ان افكر فى ان اعمل بنصيحة الاخ الموجود بالطابور واخرجت عشرين جنيه وعندما حان دورى القيتها امامه وكانها حية تسعى فالتقمها بسرعة وكانه عصا موسي واخذ يضحك وهو يقول طب كان من الاول يا استاذ بدل البهدلة والمشاوير.....ارتفع ضغطى وانا اتذكر البهدلة وعندما تذكرت المشاوير لم ادرى بنفسي الا وانا امسك برقبة الرجل من خلف الشباك والناس تحاول منعى عنه
واصرخ يا حرامى يابن الكلب والله مانا سايبك .......وهو يصرخ .......ليلتك سودا
- انت بتضرب موظف اثناء تادية عمله والله لوديك فى داهيه .......وانا امسك به واكاد اخرجه من وراء الشباك
- دلوقتى بقيت موظف يابن ال........مانت كنت من شويه حرامى
وجرونى على القسم وهناك وهناك و...... واجهش فى البكاء
- سالته ايه اللى حصل ؟؟؟

- رد وهوينظر فى الارض .....لأ ....لأ ....مصر بقت وحشه قوى
- ايه بس اللى حصل ؟؟

- رد ودموعه تسبق لسانه .....ضرب وتلطيش واهانه ... انا عمرى ما انضربت .....صدقنى عمر مابويا مد ايده عليا وعمرى ما دخلت فى خناقة لا عمرى ضربت ولا انضربت ..........يقوم يحصل فيا كده وانا عمرى اربعين سنه.....وواصل البكاء .....
لم اجد شئ اقوله له غير ان اربت على كتفه وانا احاول تهدئته .....مسح دموعه براحة يده واكمل .......
- عايز تعرف مين اللى طلعنى ؟؟ الباسبور الايطالى ؟؟؟ اى والله !! اللى طلعنى من الزل اللى انا شفته جوه بلدى هو الباسبور الايطالى !!
- سالته : ازاى ؟؟

- رد بصعوبه .....فى وسط الضرب قعدت اصرخ وانا غير مصدق .... انتم بتضربونى ليه ؟؟ فيذاد الضرب ......حرام عليكم انا عملت ايه؟؟ فيذاد الضرب ..... لأ.....لأ .......انا منضربش كده .....انا ....انا ......ايطالى
سكت الكلاب عن عضى وسالنى كبيرهم الدوبرمان : انت ايه ؟؟
- فقلت ايطالى .......

- فقال ......يعنى ايه ؟؟

- يعنى معايا الباسبور الايطالى
- فقال ......فين هوه ده ؟؟

فاخرجته من جيب البنطلون ......فنظر فيه فراى صورتى فقال لمن حوله ....
- يا نهار اسود ده مش مصرى !!.........نادى على الباشا بسرعة .... وجاء الباشا واعتزر بشدة عن هذا الخطأ
- شفت ازاى بقى اللى طلعنى هوه الباسبور الايطالى ......تخيل بقى لو مش معايا او كنت نسيته فى البيت كان حصل فيه ايه ؟؟؟ او كنت هبقى فين دلوقت ؟؟ علشان كده قررت انى مارجعش تانى .....وقبل ما اركب الطيارة .....اتصورت فى المطار تصوير سريع وانا ماسك اشبشب لاى حد هيحاول يقربللى .......فهمت انا ليه ماسك الشبشب ؟؟
- فرددت باسى........ فهمت يا سيدى والله فهمت بس اللى مش فاهمه الشنطة اللى معاك دى فيها ايه ؟؟؟
- فرد وعيناه تمتلا بالدموع ..........دول عشرة كيلو مانجة فص و..........الشبشب !!!!

(حادثة حقيقية بتصرف )
محمد شلتوت

هناك 4 تعليقات:

  1. يا شلتوت يا بن اللذين ياللى بتصحى علينا المواجع .

    الموجوع زى حضرتك : محسن سعيد

    ردحذف
  2. إزيك ياحمادة - والله واحشنى - هاتفضل طول عمرك فقرى (كوميدى) - نفس طريقة كلامك وتعليقاتك ماتغيرتش من 20 سنة من ساعة ما عرفتك .

    الراسل : واحد حبيبك كان زعلان منك بس بيحبك وفعلا عايز يشوفك قبل مايسافر اذا ربك أراد أصلا بالسفر.

    ردحذف
  3. والله الواحد بيفكر يكرر تجربة السفر رغم الي شفته قبل كده أهو نحاول ناخد اي جنسية تانية و نرجع بعد كده عشان يبقالنا قيمة في بلدنا

    عرفت انا مين
    انا الي كان في الماضي نفسه يسافر و لو كانوا عينوه سفير في دولة اروبية كان هييهرب هناك

    ردحذف
  4. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف