مساء يوم الثلاثاء 25 يناير
كانت الساعه تقترب من الواحدة صباحا وانا اقطع طريق الاوتوستراد عائدا من حلوان للمقطم بعد ان امضيت امسية شتوية مع اصدقاء عز الزمن علينا ان نلتقى كثيرا ....... كان الطريق خاليا بطريقة مريبة وامتدت يدى لتفتح الراديو لعله يبعد عنى ملل الطريق الطويل ...... كانت الدعوات قد انتشرت منذ فترة للتظاهر فى يوم عيد الشرطة كرد فعل لافعال رجالها وانتشرت فى القاهرة رسائل قصيرة مجهولة المصدر تستقبلها اجهزة الموبايل للخروج يوم 25 كما ان الرسائل الواردة على اجهزة الكمبيوتر اصبحت تمتلأ بفضائح الحزب الوطنى وكوارثه وثروات رجاله وصورهم المستفزة – وكان من اشهرها صورة الرجل الذى يقوم بالباس احمد عز الحذاء ....... !!!!
كان الحديث المسيطر على جلسة المقهى ان هذه الوقفات لن تاتى باى نتيجة وانها ستنتهى مثلما انتهت الاف الاضرابات والوقفات قبلها ......... مافيش فايدة !!!
انطلق صوت الراديو ليكسر صمتا رهيبا يلف المكان من حولى ...... لا زلت اذكر ما سمعته ..... كانت الاذاعية بثينه كامل تستضيف الفنانه منى زكى وكان الحديث يدور حول التبرع بالدم وجاء صوت منى زكى متهدجا يدعو المستمعين للتبرع بالدم وخصوصا فى ظل هذه الظروف العصيبه .........ظروف ؟!! عصيبه ؟!! هوه فيه ايه !!!
وكلما حاولت بثينه كامل التركيز على موضوع الحلقة فقط ...... عادت منى زكى لتقول ان دماء المصريين غالية ولا تستحق ما يحدث لها وما بين الفقرة والاخرى تاتى العديد من الاغانى الوطنية لتملأ نفسى قلقا واضطرابا حتى ايقنت اخيرا ان ........ لأ .....لأ .....لأ ده الموضوع كبير
ما ان وصلت لمنزلى حتى اسرعت للتليفزيون لاشاهد ما يحدث وفتحت الجزيرة فيالهول ما رايت ........ الالاف من الشباب يتجمعون داخل الميدان يحاولون الاعتصام به وقوات الشرطة تفتح عليهم خراطيم المياه وتضرب عليهم قنابل الدخان !!!! مناوشات بين الشباب والشرطة ومطارادات فى منطقة وسط البلد من شارع لشارع والمئات من المعتقلين !!! اخذت اسال نفسى ...... كيف تجمع هلاء الشباب بهذا العدد ؟؟؟ وهل ستنتهى الوقفات الى هذا الحد ؟؟؟؟ ماذا سيفعلون بهؤلاء الشباب ؟؟؟ هل سيقتلوهم ؟؟؟ كيف سيكون الغد ؟؟!! اخذت اتابع قنوات التليفزيون حتى دق جرس الموبايل فى وسط الليل ليقطع حبل افكارى الذى ارهقه ما يشاهده ...... كان المتصل صديقا عزيزا من زملاء الضيافة لم اراه يوما يتكلم فى السياسة ولم يعرف عنه اى نشاط عام بل هو شخصية هادئة بعيدة كل البعد عن المظاهرات والاعتصامات ..... جاء صوته هادرا غاضبا يصف تفصيلا ما حدث له ولزوجته وابنته اثناء النهار ....... !!!! سالته زاهلا ........ هوه انت نزلت انت ومراتك وبنتك ؟؟! رد بثقة .... ايوه طبعا ..... كفايه قرف بقى .... لازم نتحرك ....... رددت زاهلا..... يا عم الحج ده انت عمرك ما تكلمت فى السياسة ؟؟؟ تقوم تنزل وكمان معاك مراتك وبنتك !!!! فرد فى هدوء بصراحه يا محمد اللى نزلنى البنت ..... لما شافت الدعوه على الانترنت ..... قالت لازم تنزل ( طالبة ثانوى ) واقنعت امها ........ قلت يعنى انا اللى هاقعد فى البيت ....... ( احسست يومها ان شيئا كبيرا قد تغير فى مصر ونمت يومها وانا على يقين ان الامس مات بغير رجعه ........ والايام حبلى بما لا يمكن تخيله ......)
يتبع .....
محمد شلتوت
الاثنين، 23 يناير 2012
الأحد، 22 يناير 2012
ذكريات ..... (2)
كل يوم كنا نصحو وهناك خبر مريع اما يفاجئنا على شاشات التليفزيون او نقرأه على صفحات الجرائد ..... حوادث فظيعه ..... قتل مع سبق الاصرار لفنانه وياخذ صاحبها 15 سنه سجن !!!!..... قتل شاب فى الاسكندريه على يد مخبرين فى قسوة بالغه وصورته قبل وبعد مقتله تقطع بسكاكين فى القلوب ....... حريق فى مسرح يتحول لمحرقة عظيمة ..... قطار يحترق وعدد القتلى غير معروف حتى الآن !!! سفاح يقتل عدد لا بأس به من البشر وفى النهاية نكتشف انه مختل !!!..... احتقان متصاعد بين المسلمين والمسيحين تنتهى بمصيبة وفى النهاية تلجأ الدولة للحل العرفى !!!..... ليست هذه جرائم عادية تمر مرور عاديا لكن كل جريمة منهم تهز اى دولة محترمة وتقيل حكومات من الوزن الثقيل الا ان الوضع فى بلادنا كان يمر مرور الكرام وكأن شيئا لم يحدث !!! ........ .
الا ان هناك حادثتين بعينهما ارى انهما كانتا ذات تاثير كبير على الناس ...هما
حادثتى ...... العبارة ومقتل خالد سعيد
كانت حادثة العبارة حادثة غير عادية ..... كان حدوثها مباشرة بعد فرحة عامرة بالفوز بكاس الامم الافريقية واعتقد ان كثير من المصريين قد اصابهم تانيب ضمير شديد ...... كان المصريون سهارى حتى الصباح يحتفلون بالفوز فى مباراة كرة قدم والآلاف من ابناء وطنهم يصارعون الموت وسط هدير امواج فى ليل مظلم ساعات وساعات لم يتقدم لهم احد لينقذهم ..... كانوا يستصرخون السموات بين امواج كالجبال وصقيع تتجمد له الاطراف ...... كنا ننام فى بيوتنا الدافئة واكثر من الف مصرى يموتون موتا بطيئا وهم يلعنون الظلم والفساد والمحسوبية والرشوة والاحتكار الذى اركبهم عبارة مضى زمانها لكى تغرق بهم وولاة الامور ينامون ملئ جفونهم وقواتنا التى لا تقهر لا تتحرك قيد انملة لانقاذ ارواح كرمها الله واهانها الانسان بجبروته وغطرسته وديكتاتوريته ........
لا اشك لحظة ان دعوة مظلوم يواجه موجة عاتية بايدى عارية قد انهكت حتى استسلم لقدره فرفع راسه ليواجه سماء مظلمة ليدعو ربه فيمن ظلمه فتقبلها الله وان ارجأها ليوم معلوم ....... الله يمهل ولا يهمل حتى اذا اخذ ...... اخذهم اخذ عزيز مقتدر
ملحوظة : لم تعلن مصر الحداد الرسمى على مقتل اكثر من الف مصرى فى كارثة لم يماثلها فى العالم الا حادثة تيتانيك !!!! بينما اعلنت الكثير من القنوات التليفزيونية الحداد عند وفاة حفيد الرئيس ( رحمه الله ) ثلاثة ايام نفاقا وتزلفا للرئيس !!!!!
الحادثة الثانية هى حادثة مقتل خالد سعيد ( رحمه الله ) ودون الدخول فى تفاصيل حياته الشخصية ومهما كان ما له وما عليه الا ان ما اصاب المصريين بالرعب هو طريقة موته وصورته المنشورة بعد مقتله ...... كان الفارق رهيبا ..... صورة ملائكية لشاب فى مقتبل العمر... يبتسم ابتسامة خفيفة وكانه ينظر لمستقبل واعد .....صورة لشاب مثل الملايين من الشباب الذين يسميهم المصريين ( اولاد الناس ) لم تكن صورة لبلطجى او مسجل خطر لم يكن بوجهه ندبات او جروح ..... باختصار كانت صورة تماثل صوراخواننا واقاربنا واصدقائنا ..... كان بالنسبة لنا كانه صديق قديم .... نعرفه .... شاهدناه من قبل ..... لا نعرف اين ؟؟ ولكننا نعرفه .....
ثم صورة بشعه لشاب قد تم تشويه وجهه تشويها شديدا لدرجة انك لا تستطيع الربط بين الصورتين .... خفنا كلنا من ان يكون الدور القادم علينا .... على اخى .... على زميلى ..... على جارى..... لهذا تعاطفنا تعاطفا صادقا........
كان الغضب يتصاعد والغليان يتزايد وظلام الليل يتراكم .......
كنا نجلس على المقهى فيذكرنا صديقنا الاخوانجى بالاية الكريمة .......( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيب )
يتبع ........
محمد شلتوت
الا ان هناك حادثتين بعينهما ارى انهما كانتا ذات تاثير كبير على الناس ...هما
حادثتى ...... العبارة ومقتل خالد سعيد
كانت حادثة العبارة حادثة غير عادية ..... كان حدوثها مباشرة بعد فرحة عامرة بالفوز بكاس الامم الافريقية واعتقد ان كثير من المصريين قد اصابهم تانيب ضمير شديد ...... كان المصريون سهارى حتى الصباح يحتفلون بالفوز فى مباراة كرة قدم والآلاف من ابناء وطنهم يصارعون الموت وسط هدير امواج فى ليل مظلم ساعات وساعات لم يتقدم لهم احد لينقذهم ..... كانوا يستصرخون السموات بين امواج كالجبال وصقيع تتجمد له الاطراف ...... كنا ننام فى بيوتنا الدافئة واكثر من الف مصرى يموتون موتا بطيئا وهم يلعنون الظلم والفساد والمحسوبية والرشوة والاحتكار الذى اركبهم عبارة مضى زمانها لكى تغرق بهم وولاة الامور ينامون ملئ جفونهم وقواتنا التى لا تقهر لا تتحرك قيد انملة لانقاذ ارواح كرمها الله واهانها الانسان بجبروته وغطرسته وديكتاتوريته ........
لا اشك لحظة ان دعوة مظلوم يواجه موجة عاتية بايدى عارية قد انهكت حتى استسلم لقدره فرفع راسه ليواجه سماء مظلمة ليدعو ربه فيمن ظلمه فتقبلها الله وان ارجأها ليوم معلوم ....... الله يمهل ولا يهمل حتى اذا اخذ ...... اخذهم اخذ عزيز مقتدر
ملحوظة : لم تعلن مصر الحداد الرسمى على مقتل اكثر من الف مصرى فى كارثة لم يماثلها فى العالم الا حادثة تيتانيك !!!! بينما اعلنت الكثير من القنوات التليفزيونية الحداد عند وفاة حفيد الرئيس ( رحمه الله ) ثلاثة ايام نفاقا وتزلفا للرئيس !!!!!
الحادثة الثانية هى حادثة مقتل خالد سعيد ( رحمه الله ) ودون الدخول فى تفاصيل حياته الشخصية ومهما كان ما له وما عليه الا ان ما اصاب المصريين بالرعب هو طريقة موته وصورته المنشورة بعد مقتله ...... كان الفارق رهيبا ..... صورة ملائكية لشاب فى مقتبل العمر... يبتسم ابتسامة خفيفة وكانه ينظر لمستقبل واعد .....صورة لشاب مثل الملايين من الشباب الذين يسميهم المصريين ( اولاد الناس ) لم تكن صورة لبلطجى او مسجل خطر لم يكن بوجهه ندبات او جروح ..... باختصار كانت صورة تماثل صوراخواننا واقاربنا واصدقائنا ..... كان بالنسبة لنا كانه صديق قديم .... نعرفه .... شاهدناه من قبل ..... لا نعرف اين ؟؟ ولكننا نعرفه .....
ثم صورة بشعه لشاب قد تم تشويه وجهه تشويها شديدا لدرجة انك لا تستطيع الربط بين الصورتين .... خفنا كلنا من ان يكون الدور القادم علينا .... على اخى .... على زميلى ..... على جارى..... لهذا تعاطفنا تعاطفا صادقا........
كان الغضب يتصاعد والغليان يتزايد وظلام الليل يتراكم .......
كنا نجلس على المقهى فيذكرنا صديقنا الاخوانجى بالاية الكريمة .......( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيب )
يتبع ........
محمد شلتوت
السبت، 21 يناير 2012
ذكريات ......(1).!!!!
ها هو عام قد مضى بخيره وشره …… بحلوه ومره …… هدأت النفوس تارة وثارت تارة اخرى .....
لكننى عندما انظر الآن لتلك الايام وقد صارت ماضيا اشعر شعورا مختلفا عما كنت احسه وقتها ..... تداعت الذكريات فى نفسى وخفت ان ينسى العقل التفاصيل بمرور الايام والاعوام فاجبرته على كتابة ما عايشته وما مر بى لعل ما كتبته يفيد يوما او يجعلنى أذكر تفاصيل ما نسيته فاحمد الله على مشاركتى فيه ….. او اعض بنان الندم وابتلع غصة لا اشك انها ستقف فى حلقى …… اذا ما مد لى الله العمر لارى !!!
كانت الحياة تسير مملة بطيئة ….. البلاد في الفساد تغوص بسرعه …. لا تستطيع انهاء مشوار فى اى مصلحه حكومية او حتى خاصة بغير الدفع الفورى ….. اقسام الشرطة تحولت لسلخانات والاهانات اليومية من الضباط اصبحت شيئا عاديا تعودت عليه الغالبية …..
يعمل الجميع حساب ان يقوموا بانهاء اى مصلحه داخل الاقسام او اى جهة تابعة للداخلية مخافة المهانه او الاذلال ولابد من البحث عن قريب او واسطة او رشوة حتى تنتهى مصلحتك بدون مشاكل !!!!
احد الاصدقاء الذين يسكنون مدينه 15 مايو القريبة من حلوان والتى يقطن فيها بجوار قسم الشرطة اقسم لى انه يبحث جديا عن سكن اخر لانه كل يوم ينام ويصحو على صوت ضرب المحبوسين وصراخهم والشتائم القذرة التى يتفاخر بها الضباط والامناء …. وحكى لى عن تسلق احد المحبوسين برج الاتصالات المقام داخل القسم عاريا تماما مهددا بالانتحار بعد ان امتلأ جسمه بالجروح من الضرب اليومى …….( تم حرق هذا القسم قبل الثورة بسبب قيام الضباط بضرب طالب بالكلية الحربية واهانته هو ووالده ولان لا احد يستطيع الوقوف امام الشرطة استعان الطالب بزملائه من طلاب الكلية الحربية ودمروا القسم تماما
معاملة سيئة للجميع لا تفرق بين شيخ كبير او سيدة او حتى دكتور فى الجامعه وهو ما جعل قصص اعتداء رجال الشرطة على المواطنين طقس شبه يومى ……
غليان يتجمع فى الصدور وانتقاد متواصل لكل ما يحدث فى البلاد …… تشنيع على كل الشخصيات العامة وتشويه للصورة حتى لم يسلم احد من قلم صحفى ماجور او محامى يدعى الشرف ليجرجر فى المحاكم من يريد النظام اهانته وعقابه …… صفحات على النت تتوالى غاضبة واحداث لم يكن اشد المتشائمين يتحسب وقوعها …….
- احداث المحلة الكبرى 6 ابريل 2008 اعتقد انها الشرارة الاولى والتى لم يشعر بقوتها كثيرون …… للاسف لم تشعر بها القاهرة رغم ان هناك الكثيرون شاركوا فى حملة الاضراب العام يومها – اما خوفا او غضبا – لا ازال اذكر هذا اليوم عندما اخبرتنى زوجتى قبلها بانها لن ترسل الولد للمدرسة خوفا مما سيحدث فى الغد ….. تسائلت ماذا سيحدث فى الغد ؟؟!!! لقد ادمن المصريون الخنوع … لن يحدث شئ !!!
خرجت يومها لوسط البلد لانهى اوراقا حكومية كان لابد من انهائها …… ذهلت من كم التواجد الامنى ….. كما اننى فى حياتى لم ار وسط القاهرة خاليا مثل ذلك اليوم ….. الا ان الذين لا ترى عيونهم شمس النهار برروا هذا بهبوب عاصفة ترابية تزامن هبوبها فى نفس اليوم والاشاعات التى سربت بان احداثا ارهابية ستقع يومها مما جعل الكثيرون يختباون فى البيوت ……. لم تعرف القاهرة يومها ماذا حدث فى المحلة …… بسبب التعتيم الاعلامى الرهيب والذى جعل من مراسل البى بى سي نفسه يقول ان المحلة تحترق ولكن لا مغيث بسبب الحصار الشديد للشرطة …… يومها لم يتكلم برنامج واحد فى مصر عما يحدث – الا برنامج واحد برغم عدم محبتى له – برنامج عمرو اديب ( القاهرة اليوم ) وكانت الصور الملتقطة بشعه و الوضع ماساوى ……لا ازال اذكر كلمة رجل عجوز كان يجلس بجوارى على القهوة وقتها …… الناس خلاص طقت والله يابنى الراجل ده مش هيكمل سنتين ….تلاته !!!!
ومرت احداث 6 ابريل فى المحلة بعد عمليات قمع شديدة تم تصويرها على انها كانت لازمة لمنع التخريب واحراق البلد ( ملحوظة هامة …… فى احداث المحلة تم اصابة عدد كبير من الشباب فى عيونهم …….وكانها كانت بروفة لما حدث بعد ذلك !!!!)
لم يعلم المصريون ماذا حدث هناك ؟؟!!! وكم من الارواح زهقت وكم من الاصابات سجلت وكم عدد المعتقلين وكيف عوملوا !!!! كانت الاسئلة كثيرة ولم تكن هناك اجابة
الا ان المؤكد ان هناك شيئا ما قد تغير ….. وتغير للابد !!!!
يتبع ......
محمد شلتوت
لكننى عندما انظر الآن لتلك الايام وقد صارت ماضيا اشعر شعورا مختلفا عما كنت احسه وقتها ..... تداعت الذكريات فى نفسى وخفت ان ينسى العقل التفاصيل بمرور الايام والاعوام فاجبرته على كتابة ما عايشته وما مر بى لعل ما كتبته يفيد يوما او يجعلنى أذكر تفاصيل ما نسيته فاحمد الله على مشاركتى فيه ….. او اعض بنان الندم وابتلع غصة لا اشك انها ستقف فى حلقى …… اذا ما مد لى الله العمر لارى !!!
كانت الحياة تسير مملة بطيئة ….. البلاد في الفساد تغوص بسرعه …. لا تستطيع انهاء مشوار فى اى مصلحه حكومية او حتى خاصة بغير الدفع الفورى ….. اقسام الشرطة تحولت لسلخانات والاهانات اليومية من الضباط اصبحت شيئا عاديا تعودت عليه الغالبية …..
يعمل الجميع حساب ان يقوموا بانهاء اى مصلحه داخل الاقسام او اى جهة تابعة للداخلية مخافة المهانه او الاذلال ولابد من البحث عن قريب او واسطة او رشوة حتى تنتهى مصلحتك بدون مشاكل !!!!
احد الاصدقاء الذين يسكنون مدينه 15 مايو القريبة من حلوان والتى يقطن فيها بجوار قسم الشرطة اقسم لى انه يبحث جديا عن سكن اخر لانه كل يوم ينام ويصحو على صوت ضرب المحبوسين وصراخهم والشتائم القذرة التى يتفاخر بها الضباط والامناء …. وحكى لى عن تسلق احد المحبوسين برج الاتصالات المقام داخل القسم عاريا تماما مهددا بالانتحار بعد ان امتلأ جسمه بالجروح من الضرب اليومى …….( تم حرق هذا القسم قبل الثورة بسبب قيام الضباط بضرب طالب بالكلية الحربية واهانته هو ووالده ولان لا احد يستطيع الوقوف امام الشرطة استعان الطالب بزملائه من طلاب الكلية الحربية ودمروا القسم تماما
معاملة سيئة للجميع لا تفرق بين شيخ كبير او سيدة او حتى دكتور فى الجامعه وهو ما جعل قصص اعتداء رجال الشرطة على المواطنين طقس شبه يومى ……
غليان يتجمع فى الصدور وانتقاد متواصل لكل ما يحدث فى البلاد …… تشنيع على كل الشخصيات العامة وتشويه للصورة حتى لم يسلم احد من قلم صحفى ماجور او محامى يدعى الشرف ليجرجر فى المحاكم من يريد النظام اهانته وعقابه …… صفحات على النت تتوالى غاضبة واحداث لم يكن اشد المتشائمين يتحسب وقوعها …….
- احداث المحلة الكبرى 6 ابريل 2008 اعتقد انها الشرارة الاولى والتى لم يشعر بقوتها كثيرون …… للاسف لم تشعر بها القاهرة رغم ان هناك الكثيرون شاركوا فى حملة الاضراب العام يومها – اما خوفا او غضبا – لا ازال اذكر هذا اليوم عندما اخبرتنى زوجتى قبلها بانها لن ترسل الولد للمدرسة خوفا مما سيحدث فى الغد ….. تسائلت ماذا سيحدث فى الغد ؟؟!!! لقد ادمن المصريون الخنوع … لن يحدث شئ !!!
خرجت يومها لوسط البلد لانهى اوراقا حكومية كان لابد من انهائها …… ذهلت من كم التواجد الامنى ….. كما اننى فى حياتى لم ار وسط القاهرة خاليا مثل ذلك اليوم ….. الا ان الذين لا ترى عيونهم شمس النهار برروا هذا بهبوب عاصفة ترابية تزامن هبوبها فى نفس اليوم والاشاعات التى سربت بان احداثا ارهابية ستقع يومها مما جعل الكثيرون يختباون فى البيوت ……. لم تعرف القاهرة يومها ماذا حدث فى المحلة …… بسبب التعتيم الاعلامى الرهيب والذى جعل من مراسل البى بى سي نفسه يقول ان المحلة تحترق ولكن لا مغيث بسبب الحصار الشديد للشرطة …… يومها لم يتكلم برنامج واحد فى مصر عما يحدث – الا برنامج واحد برغم عدم محبتى له – برنامج عمرو اديب ( القاهرة اليوم ) وكانت الصور الملتقطة بشعه و الوضع ماساوى ……لا ازال اذكر كلمة رجل عجوز كان يجلس بجوارى على القهوة وقتها …… الناس خلاص طقت والله يابنى الراجل ده مش هيكمل سنتين ….تلاته !!!!
ومرت احداث 6 ابريل فى المحلة بعد عمليات قمع شديدة تم تصويرها على انها كانت لازمة لمنع التخريب واحراق البلد ( ملحوظة هامة …… فى احداث المحلة تم اصابة عدد كبير من الشباب فى عيونهم …….وكانها كانت بروفة لما حدث بعد ذلك !!!!)
لم يعلم المصريون ماذا حدث هناك ؟؟!!! وكم من الارواح زهقت وكم من الاصابات سجلت وكم عدد المعتقلين وكيف عوملوا !!!! كانت الاسئلة كثيرة ولم تكن هناك اجابة
الا ان المؤكد ان هناك شيئا ما قد تغير ….. وتغير للابد !!!!
يتبع ......
محمد شلتوت
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)