قليلون هم من نقابلهم فى حياتنا ..... قادرون على صنع البهجة ورسمها على شفاه ووجوه من حولهم ......
قليلون هم من عندما نتذكرهم ترتسم البسمات على شفاهنا وتسود الراحة نفوسنا ...... هؤلاء أناس عاشوا حياتهم لكى يعطوا ..... لكى يمنحوا بلا مقابل أو فى انتظار رد ...... هم نوادر ..... قد نقابلهم صدفة فى مشوار الحياة وقد تمضى مواسم العمر من غير ان نقابل احدهم فيستحيل علينا تصديق وجودهم معنا فى هذا العالم ......
استرجع شريط الذكريات الذى امتد فتعدى طوله الاربعون عاما ... احاول ان استخرج منه مثل هذه الشخصيات فلا اجد ... ادقق واحاول فتعيينى المحاولة ... اسال الاصدقاء والاقارب فلا اسمع اجابة مقنعة ..... هناك الاخ .... الصديق .... الزميل ......هناك الشخصيات المحورية اللامعة ...... لكن صناع البهجة ..... شئ اخر !!!!
عز الزمان ان ياتى بمثلهم كثيرا ... هؤلاء شهب تضئ فترات قصيرة لتشتعل فتموت ولا يبقى فى اعيننا غير لهب احتراقها ... وجمال صورتها وهى تعبر سماء الدنيا سريعا من شرقها لغربها ....
مثل هؤلاء يظهرون فجأة ويختفون ...... يحترقون لكى يضيئوا وهم بداخلهم يموتون .... كل يوم ... كل ساعة ... كل لحظة ..... لكنهم فى كل احوالهم متكتمون لا يبوحون .... يعانون وحدهم .... هم يعرفون التفاصيل عمن حولهم ..... يداوون جراحهم .... يقفون بالجوار على اهبة العطاء ...... لكن ..... من يسمعهم ؟؟؟ من يقف معهم ؟؟؟ من يقرأ احزانهم ؟؟؟؟ .......... لا أحد !!!!
بعد جهد جهيد وتذكر شديد ...... تذكرت شخصيتين من هؤلاء ..... شاهدت احدهم ولم اقترب منه ..... وعايشت الاخر وتعاملت معه ...... ولولا وجودهم فى حياتى ورؤيتى لهم لاعتقدت مثلما يعتقد الكثيرون ان وجودهم خيال وان بقائهم محال فهم اقرب للاساطير من الواقع المعاش .....
اما اولهم فتعرفت عليه فى الصغر ..... كان مبهجا ... دائم الابتسام .... مثل شخصيات الكارتون التى نراها على شاشة التلفاز .....
لم اره قط غير باش الوجه ضاحكا حتى تسائلت كيف لهذا الوجه ان يحزن او يغضب ....
كان العم رنجو ( او هكذا كان اسمه ) هو سائق الطفطف الشهير بمدينة راس البر ( ذلك الاتوبيس المفتوح السقف والاجناب والذى يلف المصيف من اوله لاخره فى نزهة مسائية جميلة ... صعب ان تنساها ) كان عم رنجو هو الاشهر فى راس البر بوجهه الاشهب وطيبته المتناهية وبوق طفطفه الشهير والذى جعل منه سيمفونية جميلة ينتظرها الاطفال كل مساء ومن راس البر طاف عم رنجو بطفطفه كل مصايف الفقراء فى الثمانينات ذهب لجمصة وبلطيم وسمعت بوق طفطفه فى العريش قبل ان اراه فتيقنت بوجوده فى المدينة .....كان محبا لعمله وان قل دخله ... كان مبدعا فى ادائه حتى ولو لم ينل شهرة او منصب ..... كان يعتبر كل الاطفال ابنائه يخاف عليهم ويمطرهم بنصائحه فى الذهاب والعودة ..... كان صانعا للبهجة ... فليرحمه الله حيا كان او ميتا وليفرحه فى حياته ومماته مثلما افرحنا ورسم البسمة على وجوهنا .......
عند الالتحاق باى عمل حكومى تصطدم بتلك الشخصيات التى تصنع سورا من العظمة الزائفة مبنية على اقدمية فى العمل ورثناها عن نظام عسكرى لم يكتف بالتطبيق داخل المعسكرات بل مد نشاطه فعسكر مجتمعا باكمله وخنق الكفاءات ووأد الاحلام فى صدور اصحابها ...... فى بداياتك العملية يتعاملون معك وكانك لا زلت وليدا تحبو فى عالم لابد ان تعيشه مثلما يعيشوه ... كلهم خبراء .... كلهم يتحدثون اليك بفوقية غريبة لا سند لها غير اقدمية بائسة .... اتفهم ان يحاولوا تعليمك خبايا العمل واصوله ..... الا ان بعضهم يعتقد انه قادرعلى تعليمك اصول الاشياء وابجديات الحياة .......!!!!! الا هو ..... فبرغم اقدميته التى تسبقنى الا انه كان اخا كبيرا عاقلا يعطيك النصيحة ولا يلزمك بها .....
اعرف الطيبون بسيماهم ...... اعرفهم بتلك النظرات الحانية .... والتعبيرات الرقيقة .... والقلوب الكبيرة .....
هذا ما وجدته عليه عندما رايته لاول مرة .... طيبا كنسمات الصبح .. رقيقا كفتاة خجول ..... يبادر للمساعدة حتى ولو لم تطلبها منه ..... يتصل بك فى غرفتك ليطمئن عليك وانت اساسا لا تعرفه ولم تسافر معه من قبل !!!! يبادر بتعريفك تفاصيل المدينة من غير ان تسأل ..... تجد فى حقيبته كل شئ ... كل شئ .... ما تتوقع وما لا تتوقع ..... كبابا نويل فى حكايات الطفولة .... كم انقذتنا حقيبته العجيبة فى مواقف لم نكن نتوقع اطلاقا انها تحوى ما نريد ونبحث !!! كانت كاميرته الشهيرة دائما جاهزة ...... لتصوير لحظة سعادة او لقطة لن تتكرر .... يتحفنا بصوره الرائعة التى يتركها لنا كهدايا عيد الميلاد فى كشك الشنط لنتذكر اياما مرت فى حياتنا .... هو اول من يعلم .... انها لن تعووووود .........
يا الله ..... سافرت كثيرا وقابلت بشرا اشكال والوانا من كل جنس ودين ولغة ... الا اننى لم ارى مثيله واعتقد ان العمر سيمر ولن ارى شبيها له ...... اتحدث عن الزميل الجميل .... ياسر الابراشى
اللهم كما افرحنا ...... فافرحه فى غربته وعزلته ومرضه
اللهم كما ابهجنا ...... خفف عنه ..... وعنا
اللهم ارسم البسمة على شفاهه ..... كما رسمها على شفاهنا جميعا .......
محمد شلتوت
قليلون هم من عندما نتذكرهم ترتسم البسمات على شفاهنا وتسود الراحة نفوسنا ...... هؤلاء أناس عاشوا حياتهم لكى يعطوا ..... لكى يمنحوا بلا مقابل أو فى انتظار رد ...... هم نوادر ..... قد نقابلهم صدفة فى مشوار الحياة وقد تمضى مواسم العمر من غير ان نقابل احدهم فيستحيل علينا تصديق وجودهم معنا فى هذا العالم ......
استرجع شريط الذكريات الذى امتد فتعدى طوله الاربعون عاما ... احاول ان استخرج منه مثل هذه الشخصيات فلا اجد ... ادقق واحاول فتعيينى المحاولة ... اسال الاصدقاء والاقارب فلا اسمع اجابة مقنعة ..... هناك الاخ .... الصديق .... الزميل ......هناك الشخصيات المحورية اللامعة ...... لكن صناع البهجة ..... شئ اخر !!!!
عز الزمان ان ياتى بمثلهم كثيرا ... هؤلاء شهب تضئ فترات قصيرة لتشتعل فتموت ولا يبقى فى اعيننا غير لهب احتراقها ... وجمال صورتها وهى تعبر سماء الدنيا سريعا من شرقها لغربها ....
مثل هؤلاء يظهرون فجأة ويختفون ...... يحترقون لكى يضيئوا وهم بداخلهم يموتون .... كل يوم ... كل ساعة ... كل لحظة ..... لكنهم فى كل احوالهم متكتمون لا يبوحون .... يعانون وحدهم .... هم يعرفون التفاصيل عمن حولهم ..... يداوون جراحهم .... يقفون بالجوار على اهبة العطاء ...... لكن ..... من يسمعهم ؟؟؟ من يقف معهم ؟؟؟ من يقرأ احزانهم ؟؟؟؟ .......... لا أحد !!!!
بعد جهد جهيد وتذكر شديد ...... تذكرت شخصيتين من هؤلاء ..... شاهدت احدهم ولم اقترب منه ..... وعايشت الاخر وتعاملت معه ...... ولولا وجودهم فى حياتى ورؤيتى لهم لاعتقدت مثلما يعتقد الكثيرون ان وجودهم خيال وان بقائهم محال فهم اقرب للاساطير من الواقع المعاش .....
اما اولهم فتعرفت عليه فى الصغر ..... كان مبهجا ... دائم الابتسام .... مثل شخصيات الكارتون التى نراها على شاشة التلفاز .....
لم اره قط غير باش الوجه ضاحكا حتى تسائلت كيف لهذا الوجه ان يحزن او يغضب ....
كان العم رنجو ( او هكذا كان اسمه ) هو سائق الطفطف الشهير بمدينة راس البر ( ذلك الاتوبيس المفتوح السقف والاجناب والذى يلف المصيف من اوله لاخره فى نزهة مسائية جميلة ... صعب ان تنساها ) كان عم رنجو هو الاشهر فى راس البر بوجهه الاشهب وطيبته المتناهية وبوق طفطفه الشهير والذى جعل منه سيمفونية جميلة ينتظرها الاطفال كل مساء ومن راس البر طاف عم رنجو بطفطفه كل مصايف الفقراء فى الثمانينات ذهب لجمصة وبلطيم وسمعت بوق طفطفه فى العريش قبل ان اراه فتيقنت بوجوده فى المدينة .....كان محبا لعمله وان قل دخله ... كان مبدعا فى ادائه حتى ولو لم ينل شهرة او منصب ..... كان يعتبر كل الاطفال ابنائه يخاف عليهم ويمطرهم بنصائحه فى الذهاب والعودة ..... كان صانعا للبهجة ... فليرحمه الله حيا كان او ميتا وليفرحه فى حياته ومماته مثلما افرحنا ورسم البسمة على وجوهنا .......
عند الالتحاق باى عمل حكومى تصطدم بتلك الشخصيات التى تصنع سورا من العظمة الزائفة مبنية على اقدمية فى العمل ورثناها عن نظام عسكرى لم يكتف بالتطبيق داخل المعسكرات بل مد نشاطه فعسكر مجتمعا باكمله وخنق الكفاءات ووأد الاحلام فى صدور اصحابها ...... فى بداياتك العملية يتعاملون معك وكانك لا زلت وليدا تحبو فى عالم لابد ان تعيشه مثلما يعيشوه ... كلهم خبراء .... كلهم يتحدثون اليك بفوقية غريبة لا سند لها غير اقدمية بائسة .... اتفهم ان يحاولوا تعليمك خبايا العمل واصوله ..... الا ان بعضهم يعتقد انه قادرعلى تعليمك اصول الاشياء وابجديات الحياة .......!!!!! الا هو ..... فبرغم اقدميته التى تسبقنى الا انه كان اخا كبيرا عاقلا يعطيك النصيحة ولا يلزمك بها .....
اعرف الطيبون بسيماهم ...... اعرفهم بتلك النظرات الحانية .... والتعبيرات الرقيقة .... والقلوب الكبيرة .....
هذا ما وجدته عليه عندما رايته لاول مرة .... طيبا كنسمات الصبح .. رقيقا كفتاة خجول ..... يبادر للمساعدة حتى ولو لم تطلبها منه ..... يتصل بك فى غرفتك ليطمئن عليك وانت اساسا لا تعرفه ولم تسافر معه من قبل !!!! يبادر بتعريفك تفاصيل المدينة من غير ان تسأل ..... تجد فى حقيبته كل شئ ... كل شئ .... ما تتوقع وما لا تتوقع ..... كبابا نويل فى حكايات الطفولة .... كم انقذتنا حقيبته العجيبة فى مواقف لم نكن نتوقع اطلاقا انها تحوى ما نريد ونبحث !!! كانت كاميرته الشهيرة دائما جاهزة ...... لتصوير لحظة سعادة او لقطة لن تتكرر .... يتحفنا بصوره الرائعة التى يتركها لنا كهدايا عيد الميلاد فى كشك الشنط لنتذكر اياما مرت فى حياتنا .... هو اول من يعلم .... انها لن تعووووود .........
يا الله ..... سافرت كثيرا وقابلت بشرا اشكال والوانا من كل جنس ودين ولغة ... الا اننى لم ارى مثيله واعتقد ان العمر سيمر ولن ارى شبيها له ...... اتحدث عن الزميل الجميل .... ياسر الابراشى
اللهم كما افرحنا ...... فافرحه فى غربته وعزلته ومرضه
اللهم كما ابهجنا ...... خفف عنه ..... وعنا
اللهم ارسم البسمة على شفاهه ..... كما رسمها على شفاهنا جميعا .......
محمد شلتوت
وصف صادق للزميل ياسر الابراشى والله يرحم عم رينجوا صاحب القبعة السوداء
ردحذفحاولت أفتكر زيك كدة الناس اللي بسطتني و ابهجتني في حياتي..لقيت مفيش غير أولاد أختي و هما رضع !
ردحذفغير كدة أنا المبهجة للناس ..ده انا عسل و الله ..بس مش ملزقة زيه يعني