الثلاثاء، 22 مارس 2011

ليبيا ..... الرحلة الاخيرة

كانت الساعات تجرى بسرعه قبل بدء الحظر الجوى على ليبيا والشركة لا هم لها غير نقل اكبر عدد من المصريين المتواجدين هناك والذين يواجهون مصيرا لا يعلم نهايته الا الله ......
مصيرا يواجهون فيه غضب الشقيق المخدوع وقسوة الوطن المنهوب ومرارة التعب الذى راح هباء
عائد للوطن مسلوب الكرامة والنقود ....... عائد لا يحمل الا دينارات اخفاها بين طيات ملابسه وهو لا يعلم انها لم تعد ذات قيمة ........
هذه كانت هى الرحلة الاخيرة لى لبلاد اتمنى لها ان تعود ........

جرس الهاتف يرن وطلب مهذب فى ان استعد للذهاب لطرابلس لخامس مرة على التوالى ....... اعلم كم العدد الهائل من الرحلات الاضافية واعرف ان هناك الاف ينتظرون الرحيل فابتلع اى نقاش واكرر على مسامع طالبى رقم الرحلة ووقتها ......
منذ ان بدات بالعمل لم احصى بالضبط عدد الرحلات التى قمت بها الى طرابلس ولكنها كانت المرة الاولى التى انظر فيها من النافذة اثناء الهبوط ........
يا الله ما هذا الجمال ....انها بلاد خير .... لماذا يفعل الحكام ببلادنا هذا ؟؟؟؟ لماذا يدمرونها من اجل كرسى زائل ؟؟ لماذا على الوطن ان يرحل من اجل ان يبقى الحاكم الى الابد ؟؟؟

هبطت الطائرة وكان علينا ان ننتهى من اجلاس الركاب كى تقلع الطائرة سريعا بالهاربين من الجحيم ..... وجوههم مرهقة ..... معظمهم فقراء ... بسطاء .... تركوا بلادهم بحثا عن حلم فوجدوا كابوس بانتظارهم
لن انسى تلك الاسرة التى اتت بعد ان امتلات الطائرة بالركاب ولم يعد هناك موضع لقدم فى الطائرة وكان الاب يتوسل وهو يبكى ارجوكم خذونى معكم ...
فرد عليه قائد الطائرة ..... والله مافيش مكان ..... استنى ساعة واحدة فيه طيارة تانية ...... فيرد عليه وهو يغالب دموعه طب نقعد على الارض ... ارجوك ....عشان خاطر العيال ..... كان من المستحيل ان نقبلهم ..... وكان على ان اغلق باب الطائرة استعدادا للتحرك وانا اراهم وهم يبتعدون وصرخات الاطفال تتعالى ..... ونظرة الاب تلاحقنى وهى تسال هل ستاتى طائرة اخرى بالفعل ؟؟؟؟؟

تحركت الطائرة وجاء موقعى امام اثنان هم افضل من بالطائرة حالا وكلاما
اكتشفت بعد الحديث معهم انهم من طاقم تدريس جامعة طرابلس وبعد حديث ودود سالتهم بعد تحرج كيف تقبلون ان تاتوا الى هنا لتعملوا ...... استاذ الجامعه يحتاج للحرية ..... كيف تعملون هنا ؟؟؟؟
حكى لى احدهم ان الطلبة يتجسسون عليه وان الحالة هنا ليس فيها ابداع علمى ولا يحزنون ..... ورد الاخر قائلا استاذ الجامعه يابنى مثلما يحتاج للحرية يحتاج ايضا للنقود ...... وفى بلادنا لا حرية ولا نقود !!!!

وبرغم مما كانت تمتلئ به الطائرة من مآسى وآلام الا ان النكتة المصرية لم تغب فعند توزيع الطعام سالنى احدهم ..... انت منين يا استاذ ؟؟؟؟ فرددت .... انا من حلوان.... عارف حلوان ؟؟؟؟ فرد ضاحكا ... طبعا اعرف حلوان .... بيت ... بيت ... زنقة .... زنقة ... دار ... دار..... فانفجرنا جميعا فى الضحك

عند اقتراب الطائرة من مطار القاهرة ... قام رئيس الطاقم بتشغيل اغنية شادية ...... يا حبيبتى يا مصر .... ويا لهول ما رايت وسمعت
انهارا من الدموع وصريخا من الزغاريد ........
محمد شلتوت

هناك 7 تعليقات:

  1. فى عملك كمضيف اكيد بتكون على دراية اكبر بالامور
    وكونك شاهدت مآسى المصريين هناك وخصوصا قصة الاسرة اللى ماقدرتش تركب الطيارة معاكم اكيد بتقدر تكون وجهات نظر مختلفة عن اى شخص بعيد عن الاحداث انا مش هعلق غير بس بغنى اقولك ان الكرسى بالنسبة للحاكم اهم عنده من ارواح الناس وطول ما مبداهم كده الناس مش هتبطل تثور

    ردحذف
  2. استاذ الجامعه يابنى مثلما يحتاج للحرية يحتاج ايضا للنقود ...... وفى بلادنا لا حرية ولا نقود !!!!

    حلوه الجمله دى و معبره قوى ....

    صحيح الواحد بيتمنى يبقى زيك يشوف بعينه بدل ما يسمع الا ان فى الحالات القاسيه زى دى الواحد بيشكر ربنا لان مشاعرنا متستحملش..و ندعيلك ربنا يقدرك

    ردحذف
  3. أبكيتني ...

    وأضحكتني ...

    واقشعر بدني

    يا شلتوت

    ردحذف
  4. يا الله، مسكينة العائلة اللي كانوا عاوزين يدخلو ..

    و مثل ما يقول عارفة و مش عارف ليه

    أبكيتني و أضحكتني و اقشعر بدني ..

    ليبيا يارب تحفظها ياااااااارب ..

    ردحذف
  5. حضرتك خلتنى ابكى
    طب الرجل اللى كان عايز يركب ده
    الطائرة راحت له ولا إيه اللى حصل
    حضرتك ما تعرفش؟؟

    ردحذف
  6. من جد لم اتمالك نفسي من البكاء





    شكرا


    زفات
    موقع زفات

    ردحذف
  7. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف