البلد باظت .... مصر راحت خلاص .... تبقوا تقابلونى لو الثورة دى نجحت ..... والله حرام عليكم وديتوا البلد فى داهية ..... هذه نماذج بسيطة لما اسمعه تقريبا كل يوم سواء من بعض اقاربى او بعض الاصدقاء او حتى زملاء العمل والذين ما ان تدخل معهم فى مناقشة ويحسوا بانك من مؤيدى الثورة حتى تدخل نفقا لا نهاية له من المناقشات المحشية بكلام من نوعية هوه مين الحمار اللى قالك كده ؟؟؟؟؟ او انت اكيد بتحلم يا عم الحج !!!! بكرة الاخوان يلبسوكوا طرح ؟؟؟ انت لسه بتكرر كلام الجهلة بتوع الميدان !!!........ هذه هى العينة اما التفاصيل فاعف عن ذكرها
الطائرة تتجه الى فرانكفورت محملة ببقايا المان كانوا لا يزالون بالقاهرة بعد احداث الثورة وكذلك بعض المصريين الذين تقطعت بهم السبل وكان لابد من عودتهم لاعمالهم بعد غياب طويل بمصر لم يستطيعوا ترك اهاليهم والبلاد تمر بهذا الظرف العصيب ....... الطائرة تمتلئ بحوالى ربع اجمالى عدد الركاب مما اتاح للكثير منهم ان يستحوذ على ثلاث كراسى دفعة واحدة ليحولها الى سرير يقاوم به طول الرحلة وميعادها المبكر الذى جعل معظمهم يغط فى نوم عميييييييييييييييييق !!! كما اتاح هذا العدد الفرصة لنا كطاقم ان نجلس فترة طويلة نتبادل فيها النقاش حول اوضاع البلد ...... كنا ثلاثة زميلتان احدهما من جيل الوسط والاخرى من تلك النوعية التى لا تعرف شيئا على الاطلاق وكلما سمعت معلومة او راي فتحت فمها بشدة وهى تشهق ..... معقولة .... مش ممكن .... ايه ده؟؟؟ الكلام ده فى مصر ..... جعلتنى احس بعد خمس دقائق فقط من الكلام معها انها تعيش فى النرويج ...... او انها من اهل الكهف والتى نامت ثلاثمائة عام ثم استيقظت فجاة على حقائق لا تعلم عنها شيئا ..... تركتها فى ثباتها العميق وبدات فى مناقشة الزميلة الاخرى والتى كانت تهاجم الثورة هجوما عنيفا وكلما حاولت الرد عليها جاءت كلماتها قاسية جارحة ...... احاول ان امتص غضبها الا ان هجومها الكاسح الغاشم الزمنى الصمت ..... الى ان وقعت الواقعة وقالت بسخرية هوه كل واحد حرامى مات وهوه بيسرق ...... هتعتبروه شهيد !!!! صرخت فيها .... بس كفايه لحد كده .... لك رايك الذى احترمه .... ولكن هناك شهداء بالفعل ماتوا من اجل ان نعيش حياتنا احرار .... خرجوا من بيوتهم ليس معهم سلاح وواجهوا جيش من الشرطة مسلح باعتى الاسلحة وارجوكى فلنغلق المناقشة عند هذا الحد ....... اكملنا الرحلة بدون كلام .... كل منا يؤدى عمله ولكن فى النفس غصة ..... لم يهون على الرحلة الا زميلتنا الجديدة القادمة من الكهف والتى كانت تسالنى كل خمس دقائق سؤال ينم عن جهل فاضح وثقافة منعدمة ..... واعتقد انه ليس ذنبها بل هو نتاج تعليم عقيم واعلام متخلف انتج لنا شباب مشوه ارجو ان يكون مستقبله افضل حالا منا .....
وصلنا الى فرانكفورت وبدانا فى اعداد الطائرة لرحلة العودة وبدا ركاب العودة فى الصعود واحدا تلو الاخر ....... ثم سمعت جلبة فى مقدمة الطائرة ووجدت كل الجالسين فى درجة رجال الاعمال يقومون بتقبيل فتى اسمر يمسك بيده رجل عرفت بعدها انه والده ...... سالت عن الشاب فقالوا لى انه بطل من ابطال التحرير كان يعالج فى المانيا رجعت لزميلتى بالخلف واخبرتها بوجود الشاب .... استهزات بى وقالت هما لحقوا يتصابوا مش كانوا كلهم شهدا ؟؟؟
اقلعت الطائرة وانا اتحرق شوقا للسلام على الشاب والتحدث معه عن ذكريات الميدان وكيفية اصابته الا اننى لا اعلم لماذا اصررت على اصطحاب زميلتى معى لتسمع منه شخصيا ما حدث ولتساله عن كل ما يدور فى ذهنها واعتقدت انه انسب شخص يستطيع الرد عليها ..... وافقت على مضض وهى تقول هاوريك انهم كلهم افاقين !!! اقتربنا من درجة رجال الاعمال ورايته جالسا بجوار والده فاتجهت اليه مباشرة وانا اقول .... ازيك يا بطل .... الف حمدلله على سلامتك .... مد يده تجاهى فامسكت براسه وقبلتها وجاءت من ورائى زميلتى ومدت يدها للسلام...... فلم يمد يده ..... انتظرت مدة مادة يدها فلم يحرك يده ولم ينظر نحوها قطع الموقف المحرج والده وهو يمد يده لها بالسلام بدلا من ابنه قائلا معلهش يا بنتى ..... اصله متصاب فى عينه وكنا هنا بنحاول ننقذ التانية ..... سمعت انا وزميلتى ما قال ونحن فى ذهول.....وبعدها انسحبت زميلتى مباشرة للخلف واكملت كلامى مع البطل ووالده وصدقونى والله لم ارى ابتسامة رضا كمثل التى رايتها على وجه هذا الفتى بعد ان تحادثنا ..... همست فى اذن والده قائلا ... طب فيه امل ان شاء الله فرد فى ايمان ..... عوضنا على الله يا بنى .......كله فدى مصر انسحبت حزينا متجها لمكانى باخر الطائرة ولم اتحدث مع زميلتى مرة اخرى ولم تحاول هى ... وحتى عندما كانت تلتقى عينانا .... كانت تهرب بسرعة وقبل هبوطنا بالقاهرة .... وجدتها توجه كلامها لى بعصبية وهى تقول .... على فكرة يا محمد الظباط دول كانت عندهم اوامر بضرب النار وده امر .... عارف يعنى ايه امر ؟؟؟... وبعدين يا اخى كل حته فيها الكويس والوحش...حتى احنا فى الضيافة عندنا الصالح والطالح قلتلها صح عندك حق ..... بس احنا ما بنفقعش عين الركاب ..........
محمد شلتوت