بمناسبة انتخابات رابطة المضيفين والتى جرت فى جو ديموقراطى هادئ ومحترم اعاد لى الثقة مرة اخرى فى جدوى الانتخابات بعد ان كنت عازفا عنها لمدة طويلة نظرا لخبرات اقل ما توصف بها انها خبرات زبالة ......
فى بداية التسعينات وفى واحدة من تلك الجولات الانتخابية المسرحية والتى تمتلأ بالكومبارس المعروفين والبطل الذى يتم اختياره من قبل المنتج ..... قامت واحدة من جاراتنا الافاضل بترشيح نفسها عن الدائرة وقامت دون اختيار منى بتسجيل اسمى كمندوب عنها فى احدى اللجان الانتخابية المنتشرة فى حلوان........ولأن هذه السيدة هى ام صديق عزيز ونظرا لانها لا تقبل الراى الاخر وهذا ما كنت اراه دائما على جسد ووجه ابنها فلقد استسلمت مرغما لطلبها مع وعد منها شخصيا بتوفير عدد كبير من سندوتشات البولبيف المستورد على كل اصحاب ابنها من مندوبى اللجان –لابد من التركيز هنا على ان الوعد كان بولبيف مستورد وليس محلى نظرا لانتشار شائعة وقتها ان البولبيف المحلى هو لحم فاسد منتهى الصلاحية ...... لم تكن الحمير والكلاب وقتها قد دخلت على خط .....الانتاج !!!
توكلت على الله وتوجهت صباحا للجنة التى تم تحديدها لى للمراقبة واستلم رئيس اللجنه منى التوكيل وكان رجلا طيبا مهذبا اخذ يتسامر معى ويسالنى عن اى كلية اقوم بالدراسة فيها وعندما علم انها الاثار قال ضاحكا انهم اكيد ايام الفراعنه كانوا بيستخدموا التوابيت بدل الصناديق فى الانتخابات ............وانتصف النهار ولم يحضر للجنة التى تشغل احد المدارس والتى كانت فى الاصل احد قصور امراء العصر الملكى البائد وتحولت بقدرة قادر الى مدرسة ابتدائية
لا اعلم كيف تم تتغيير ملامح القصر لتتحول حجراته لفصول يشخبط التلاميذ على جدرانها ويتلفون البقية الباقية من تراث اقل ما كان مفروضا له ان يسلم لهيئة الاثار؟؟؟ .......لكن اكثر ما اضحكنى انهم وضعوا غرفة الناظر مكان غرفة نوم الامير بحمامها الخاص واتساعها المفرط !!! وجعلوا غرفة المدرسين مكان غرفة الخدم بحمامها البلدى ومكانها المزرى اسفل البدروم !!!
المهم انتصف النهار ولم يحضر غير تلك السيدة الفاضلة التى وكلتنى عنها لتدلى بصوتها ووكلتنى ايضا سندوتشات البولبيف المتفق عليها والتى اعطتنى الدافع للاستمرار بقية اليوم بعد ان كنت عاقد النية على التزوييغ بعد ان انتهى الكلام مع رئيس اللجنه ومع المندوبين الاخرين واصبح اليوم كئيبا تمر ساعاته بطيئة وصندوق الانتخابات لا يحتوى الا على صوت يتيم يشكو الوحدة داخل هيكل خشبى لا يعلم الا الله ما بداخله .......
وعند العصر فوجئت بجموعة كبيرة من الناس المهمين والذين دخلوا اللجنه فجاة وبدون اية مقدمات وينادون بعضهم بفلان بيه وعلان باشا دخلوا جميعا دخلة رجل واحد فتفرق الرعب بين المندوبين ورئيس اللجنه وفجاة وبصوت عال نادى كبيرهم......ياريت مالاقيش حد فى اللجنه ....كله بره!!!التزم الجميع الصمت وكان معظمنا من شباب الجامعه الا رجلا كبيرا منا كان قد تعدى الخمسين رد صائحا : ازاى يا باشا نسيب اللجنه ...... احنا هنا مندوبين عن المرشحين
فرد الباشا بصوت كالرعد : انت راجل كبير وشكلك محترم ومش حمل بهدلة ....اتكل على الله
نظر الرجل فى الارض خانعا واتجه خارجا من الغرفة ومن وراءه الجميع يجر اذيال الخيبة ....
سالت زميلى الذى يمشى بجوارى بصوت هامس : هما بيخرجونا بره ليه ....هما هيعملوا ايه ؟؟؟
فرد ضاحكا : شكلهم هيعملوا حاجات قلة ادب ..... الا انه ابتلع ضحكته بسرعه بعد ان راى الباشا ينظر اليه متجهما ....
الا ان اغرب ما سمعته يومها هو صوت رئيس اللجنه وهو يخرج تاركا اللجنه مهرولا متحججا بان عليه ان يلحق صلاة العصر مع ان صلاة الظهر قد فاتته وهو يلعب كوتشينه مع احد المندوبين .......استغرق الوقت اقل من ساعة حتى سمح لنا بالرجوع مرة اخرى وعندما عدنا وجدنا الدفتر المسجل فيه اسماء الناخبين قد امتلأ عن اخره ثم حاول رئيس اللجنه تحريك الصندوق فاذا به كالوتد المتين لا يهتز فضحك الرجل قائلا ..... ماشاء الله اتارى المشكلة كانت فينا واحنا مش واخدين بالنا مش كنا قمنا صلينا من زمان ......
ساعتها ابتلعت مرارة حلقى وعاهدت نفسى الا اشارك فى اى انتخابات لاحقة حتى ان زملائى فى الجامعة ما زالوا يذكرون لى وقت انتخابات اتحاد الطلبة اننى كنت اسلم الورقة بعد ان اشطب عليها وكاننى اعلن عصيانى لكل انتخابات لا تشوبها الشفافية والنزاهة ......
كم تنتابنى السعادة حين ارى انتخابات نادى او رابطة او نقابة قادر اهلها على ادارتها بما يرضى الله والشعب وكم احزن لاننا نعيش فى وطن اصبح اقل من نادى .......
كم تنتابنى السعادة حين ارى انتخابات نادى او رابطة او نقابة قادر اهلها على ادارتها بما يرضى الله والشعب وكم احزن لاننا نعيش فى وطن اصبح اقل من نادى .......
محمد شلتوت